تقرير.. ACAPS المهاجرون يعيشون أسوأ الظروف الممكنة في مراكز الاحتجاز الليبية
أصدرت منظمة ACAPS غير الحكومية تقريرها الخاص بمراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، والذي سلّط الضوء على الأوضاع الأمنية والإنسانية والصحية والقانونية في مراكز الاحتجاز في عدة مناطق في ليبيا.
وأشار التقرير إلى أن التعاون المتزايد بين الاتحاد الأوروبي وسلطات إدارة الهجرة الليبية، قد أدى إلى زيادة عدد المهاجرين الذين تم اعتراضهم وإرسالهم إلى مراكز الاحتجاز، بين شهري يناير وأكتوبر من عام 2021.
وبحسب التقرير، فقد اعترض خفر السواحل الليبي 26.000 مهاجر حاولوا الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط؛ وتم نقل معظمهم إلى مراكز الاحتجاز.
وفي الأول من أكتوبر الفائت، أدت مداهمة قامت بها سلطات الأمن الليبية في حي الأندلس بطرابلس إلى اعتقال أكثر من 5000 مهاجر، توفي مهاجر واحد، وأصيب 15 آخرون على الأقل، وأصبح العديد بلا مأوى بعد تدمير ملاجئ مؤقتة ومبانٍ غير مكتملة، وتم نقل ما لا يقل عن 511 امرأة وطفلاً إلى مركز احتجاز المباني، كما تم نقل 355 شخصاً إلى مركز شارع الزاوية، بينما تم نقل 570 إلى مركز أبوسليم.
وأشار التقرير إلى تدهور الوضع الإنساني في مراكز الاحتجاز، حيث تم اعتقال أكثر من 5000 مهاجر ونقلهم إلى مراكز الاحتجاز على مدار الأسابيع الثلاثة الأخيرة من أكتوبر عام 2021، من بينهم 751 امرأة (منهنّ 30 حوامل على الأقل) و255 طفلاً.
وتكتظ مراكز الاحتجاز بالمحتجزين الذين يفتقرون إلى الطعام والماء والرعاية الطبية والنظافة، كما يواجه المحتجزون التعذيب والعنف الجنسي والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي والإعدام خارج نطاق القضاء.
وذكر التقرير عدم تمكن المنظمات الإنسانية من الوصول الدائم إلى المراكز، مما يجعل من الصعب تقييم الوضع وتقديم المساعدة.
مراكز الاحتجاز
تتبع مراكز الاحتجاز الرسمية في ليبيا لإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابعة لوزارة الداخلية، وغالباً ما تسيطر الميليشيات المحلية على هذه المراكز، وبتاريخ 4 يوليو 2021، كان هناك 29 مركز احتجاز رسمي في ليبيا بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
كما تتواجد أيضاً مراكز اعتقال غير رسمية يستخدمها المهربون، ومراكز اعتقال غير رسمية تديرها ميليشيات لا تخضع لتوجيهات جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتتوفر معلومات وبيانات قليلة عن هذه المراكز، ولا يمكن للجهات الفاعلة الإنسانية الوصول إليها. ومن المحتمل أن يكون وضع المهاجرين أسوأ في تلك المراكز.
مخاوف إنسانية
تسبب إغلاق مراكز الاحتجاز في نقل المهاجرين إلى مراكز أخرى ذات ظروف أسوأ، وفي أغسطس 2019، أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية عن إغلاق ثلاثة من أكبر مراكز الاحتجاز التابعة له في الخمس ومصراتة، وتم نقل المهاجرين الموجودين في تلك المراكز إلى مراكز أخرى، وهو ما عرّضهم لظروف أسوأ، تم إغلاق خمسة مراكز إضافية منذ سبتمبر 2020، أحدها في مدينة الزنتان وأربعة مراكز أخرى في الخمس وشارع الزاوية وصبراتة وزوارة.
وتتوارد معلومات عن ارتباط بين المهربين ومراكز الاحتجاز، بحسب التقرير، وتتواجد أسواق الرقيق على طول الطرق التي يستخدمها المهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى، وتسيطر الميليشيات على هذه الطرق، ويتم إجراء مزادات على المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز، حيث يتم بيع المهاجر مقابل 200-400 دولار أمريكي.
الاحتياجات الإنسانية
أشار التقرير إلى ارتفاع الاحتياجات الإنسانية في مراكز الاحتجاز، حيث إن معظم المراكز مكتظة، ولا تزيد المساحة المخصصة للفرد في الزنازين عن 0.41 متر مربع، ويستوعب مركز احتجاز شارع الزاوية 550 شخصاً في الوقت الحالي، بينما من المفترض أن يستوعب 200-250 شخصاً على الأكثر، ويجبر المهاجرون على البقاء واقفين بسبب الازدحام داخل المراكز.
احتجاز الأطفال
أفاد التقرير باحتجاز 255 طفلاً مهاجراً في أعقاب المداهمة التي شنتها السلطات الليبية في الأول من أكتوبر الفائت، خمسة منهم على الأقل غير مصحوبين بذويهم، ويُجبر هؤلاء الأطفال على مشاركة الزنازين مع البالغين، وقد تم الإبلاغ عن محاولات انتحار وسلوك عدواني واضطرابات النوم والتبول اللاإرادي بين الأطفال، وقد حاولت فتاتان على الأقل الانتحار بعد تعرضهما للضرب والاغتصاب في مركز احتجاز شارع الزاوية.
مخاوف الحماية
لا يتمتع معظم المحتجزين بوضع قانوني، وغالباً ما يواجهون انتهاكات جسيمة، بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب والابتزاز والسخرة والعبودية والظروف المعيشية الصعبة والإعدام خارج نطاق القضاء، كما يقعون أحياناً في مرمى النيران أثناء الاشتباكات المسلحة، وفي عام 2019، تسببت غارة جوية على مركز احتجاز تاجوراء بمقتل 53 مهاجراً وجرح 130.
كما أورد التقرير وجود فئات مُعينة أكثر عرضة للعنف من غيرها، حيث أفاد مهاجرون خرجوا من المراكز بأن القادمين من جنوب الصحراء الأفريقية يتعرضون للإيذاء وسوء المعاملة بشكل متكرر، أكثر من أولئك القادمين من شمال أفريقيا.
العنف الجنسي والجسدي
أكد التقرير وجود تقارير عن حراس يغتصبون المعتقلين ويمارسون معهم أشكالاً عدة من العنف الجنسي، مقابل الطعام أو الحرية، وتم الإبلاغ عن أنماط العنف الجنسي هذه في سبعة مراكز اعتقال على الأقل، على سبيل المثال، هناك تقارير عن عنف جنسي ضد النساء والقاصرين من قبل الحراس في مركز اعتقال شارع الزاوية، كما يتم الاتجار بالنساء المهاجرات في مراكز الاحتجاز بغرض الاستغلال الجنسي.
وشدد التقرير على أهمية الخدمات النفسية للناجين والناجيات من العنف الجنسي، حيث تؤثر الظروف السيئة في مراكز الاحتجاز على الصحة العقلية للمهاجرين، خاصة أن معظمهم عانوا بالفعل خلال رحلاتهم قبل اعتقالهم.
كما يعاني مهاجرون من إصابات نتيجة الاعتداءات الجسدية من قبل الحراس، ويحتاجون أيضًا إلى مساعدة رعاية صحية، على سبيل المثال، تم العثور على العديد من الرجال فاقدين للوعي وبحاجة إلى رعاية طبية عاجلة في مركز احتجاز المباني، بالإضافة إلى تفشي الأمراض بشكل مستمر، حيث يؤدي عدم الوصول إلى مرافق الصرف الصحي إلى تسريع انتشار الأمراض مثل الجرب والسل. وقد تسبب تفشي مرض السل في عام 2019 في مقتل ما لا يقل عن 22 مهاجراً.
وتُعد التهابات الجهاز التنفسي والإسهال الحاد والأمراض الجلدية والتهابات المسالك البولية من بين الأمراض التي يتم علاجها بانتظام، ومن المرجح أيضاً أن يؤدي الاكتظاظ في مراكز الاحتجاز، إلى جانب سوء النظافة ونقص مرافق الصرف الصحي، إلى تسهيل انتشار فيروس كورونا المستجد، وبالرغم من وجود خطط للتطعيم في مراكز الاحتجاز، إلا أن هذه الخطط تستهدف فقط حوالي 800 مهاجر في طرابلس والمدن المجاورة.
الأمن الغذائي
أفاد بعض المحتجزين بتناول وجبة واحدة فقط في عدة أيام، واضطر المهاجرون الوافدون حديثاً إلى الانتظار أربعة أيام قبل تلقي الطعام، وفي حالات أخرى، فرّ مئات المهاجرين من مركز احتجاز أبوسليم في عام 2019 بسبب الجوع بعد حرمانهم من الطعام لأسابيع. كما يتم أحيانًا فرض رسوم على المهاجرين مقابل الطعام في مراكز الاحتجاز، وهناك حالات لسوء التغذية لدى البالغين بسبب رداءة نوعية الطعام وقلة الكميات المقدمة، بمتوسط 600-800 سعرة حرارية فقط في اليوم. وفي عام 2019، كان ربع المهاجرين المحتجزين في طرابلس يعانون من سوء التغذية أو نقص الوزن.
وصول الاستجابة الإنسانية
حسب التقرير، فإن وصول المنظمات الإنسانية إلى مراكز الاحتجاز محدود وغير منتظم، ولا يوجد إجراء واضح للوصول إلى مراكز الاحتجاز. وقد دفع العنف المتكرر في يونيو 2021، ضد المهاجرين في مراكز الاحتجاز منظمة أطباء بلا حدود إلى تعليق أنشطتها في مركزي احتجاز المباني وأبوسليم في طرابلس لضمان سلامة موظفيها، وتم استئناف الأنشطة في 15 سبتمبر بعد مفاوضات مع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية لتحسين الوصول وضمان السرية وتحسين ظروف المحتجزين.