تقرير: صمت تركي إزاء التطورات السياسية في ليبيا.. ماذا وراءه؟
سلّط موقع al-monitor الضوء في مقال على مسألة وقوف البرلمان الليبي في وجه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الحليف الوثيق لتركيا، في صراع متجدد على السلطة، واصفاً بديله فتحي باشاغا بأنه “ليس غريباً على أنقرة”، وقد يساعدها في تحقيق السلام مع شرق ليبيا.
وذكّر الموقع بكون باشاغا حليفًا بارزًا لتركيا في عامي 2019 و2020، حين قدّمت أنقرة دعمًا عسكريًا لحكومة الوفاق الوطني. غير أن باشاغا انخرط بعد ذلك في حوار وثيق مع مصر وفرنسا والولايات المتحدة، متجاهلًا صورته “كرجل تركيا”، حسب الموقع.
وأشار الموقع إلى أن الفاعلين الدوليين الذين يؤيدون الآن بقاء الدبيبة حتى الانتخابات، قد يغيرون مواقفهم حسب التطورات على الأرض.
مضيفاً أن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة المقرب من أنقرة، أعاد تعديل موقفه أيضًا. وفي حديثه بعد اجتماع سري مع عقيلة صالح في المغرب في أوائل فبراير، حذر من أن أي حكومة جديدة يتم تشكيلها من جانب واحد من قبل مجلس النواب ستكون “ميتة”، وغير قادرة على العمل في طرابلس. لكنه أضاف: “اتفقنا مبدئيا على استبدال الحكومة رغم أن ذلك ليس من أولوياتنا”.
وفي 8 فبراير، انضم دبيبة إلى القادة الأتراك في حفل تخرج عسكري في طرابلس، مما أعطى الانطباع بأنه يحتفظ بدعم تركيا. وأخذه سعيه للحصول على الدعم في رحلة سرية إلى القاهرة، لكنه عاد خالي الوفاض حسبما ورد.
وبحسب موقع أفريكا إنتليجنس، فقد التقى دبيبة بنظيره المصري، لكن طلباته للقاء وزير الخارجية النافذ ورئيس المخابرات لم تنجح.
وبعد يوم من إعطاء الضوء الأخضر لتغيير الحكومة، أجرى المشري محادثات مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو – في إشارة محتملة إلى أن أنقرة مرنة بشأن خيارات الحكومة. وفي جلسته في 10 فبراير، قرر مجلس النواب أيضًا تشكيل لجنة لصياغة التعديلات الدستورية، في خطوة تتماشى مع دعوة المشري لإجراء تعديلات دستورية قبل الانتخابات.
ورأى المقال أنه وسط الديناميكيات المتغيرة في ليبيا، أصبح الحوار مع المعسكر الشرقي أمرًا لا مفر منه لأنقرة. حيث التقى سفير تركيا في طرابلس مع عقيلة صالح في القبة في 19 كانون الثاني (يناير). ثم زار بنغازي، برفقة أعضاء من مجموعات الأعمال التركية الليبية. كما زار وفد برلماني ليبي بقيادة النويري أنقرة في ديسمبر الفائت، والتقى بالرئيس رجب طيب أردوغان، وعدد من المسؤولين الليبيين، واتفق الجانبان على تشكيل مجموعة صداقة برلمانية.
وذكر المقال أن ذوبان الجليد بين أنقرة وشرق ليبيا مهم من حيث معالجة الانقسامات الليبية، وتوسيع غرفة المناورة لأنقرة في ليبيا ما بعد الحرب. ورغم التدخل العسكري لتركيا في الغرب، إلا أن أنقرة تسعى أيضًا إلى إنقاذ العلاقات الاقتصادية مع الشرق، بما في ذلك مشاريع البناء التي لا تُعد ولا تحصى في بنغازي، والتي أُجبر المقاولون الأتراك على التخلي عنها بسبب الصراع. وتبدو الاستعدادات جارية بالفعل لاستئناف الرحلات الجوية إلى بنغازي. كما زادت الصادرات التركية إلى ليبيا بنحو 65 في المائة لتصل إلى 2.4 مليار دولار العام الماضي، وفقًا لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي. ويبدو أن استعادة العلاقات الودية مع الشرق يمكن أن تدفع الرقم أعلى من ذلك بكثير.
تأمل أنقرة في أن يهتم باشاغا بمصالحها، لكنها لا تستطيع ضمان أي من حساباتها في معادلة حكومية جديدة، ويبقى السؤال الحاسم الآن: هل ستحمي تركيا الدبيبة أم ستشجع باشاغا على المُضي قدمًا؟ أم أنها ستترك الأشياء تسير على سليقتها؟
يجيب المقال: في الوقت الحالي، تبدو أنقرة بعيدة عن موقفها المتشدد، وإذا ثبت أن حماية الدبيبة مكلفة، فقد تختار الذهاب مع باشاغا وعقد السلام مع الشرق.