تفاصيل لقاء سري أجراه سيف الإسلام للوصول إلى الرئاسة
نطرح خلال هذا المقال حقائق تبين خبايا الحرب الدائرة في ليبيا التي تدير رحاها تدخلات خارجية استغلت حالة الفوضى والانقسام السياسي لتحقيق أهدافها في المنطقة.
البداية
بدأت الحكاية بما ذكرته صحيفة بلومبرج أن اثنين من موظفي ألكساندر مالكيفيتش “مدير” الإعلام الروسي قد احتجزا في ليبيا مايو الماضي، واتّهما بالسعي للتأثير على الانتخابات في البلاد.
وقد تلاها موقع فورين بوليسي بقليل من المعلومات الإضافية حين قال إن سلطات حكومة الوفاق في طرابلس اتهمت الرجلين بمحاولة عقد لقاء مع سيف الإسلام القذافي، وقال الموقع إن سيف الإسلام، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بشأن مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على اتصال بموسكو وتلقى دعم مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف، كما أكد مالكيفيتش في مقابلة مع فورين بوليسي، أن الرجلين التقيا مع نجل القذافي لكنه نفى أنهما سعيا للتدخل في سياسة البلاد الحزبية، وقال إنهما يجريان بحثًا فقط ووصف الادعاءات بأنها مشروع لـ”الحالة العميقة” في الولايات المتحدة.
الإيقاف في ميدان الشهداء
وأشارت المعلومات والمصادر إلى أن الرجلين تم القبض عليهما أثناء تجولهما في محيط ميدان الشهداء بطرابلس، حيث كانا يسألان المارة لاستطلاع آرائهم عن مدى رضاهم على الحكومة ومعرفة وجهة نظرهم في الأوضاع والقضايا الليبية بشكل عام في محاولة لقياس الرأي العام في البلاد.
مكان اللقاء
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مصادرها أن الفريق الروسي التقى بسيف القذافي في إحدى مدن قمم الجبل الغربي، وانتقلوا بعدها إلى طرابلس، لينتهي بهم المطاف في قبضة عناصر الأمن في طرابلس.
هوية المقبوض عليهم
ولازالت تتكشف المزيد من المعلومات الجديدة لتوصلنا لخيوط أكثر وضوحا في هذه الحادثة المريبة، فقد قالت صحيفة الشرق الأوسط أن الروسيين المقبوض عليهما هما عالم الاجتماع مكسيم أناتوليفيتش شوغالي، و الطبيب والمترجم سامر حسن علي سويفان، إضافة إلى نجل علي التريكي، وزير الخارجية في النظام السابق، لنتعرف بذلك على أعضاء الفريق الذي التقى بهم سيف الإسلام.
وقد تحاور سيف القذافي مع هذا الفريق حول بعض الملفات البحثية التي تستهدف جمع معلومات سياسية واجتماعية ترغب روسيا في معرفتها، بحسب ما صرّحت به المصادر لصحيفة الشرق الأوسط.
معلومات روسية
ووفقا لوثائق تحصلت عليها الشرق الأوسط مؤرخة في الثالث من يوليو الحالي موجهة لحكومة الوفاق فإن شوغالي يعمل مستشارا سياسيا بمؤسسة معنية بالدفاع عن القيم الوطنية مقرها في موسكو، كما عمل مديرا لموقع إخباري إلكتروني، ولكنا لولايات المتحدة قالت إنه على ارتباط وثيق برجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، الملقب بـ”طباخ الرئيس” بوتين، والمتهم بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن الروسي الثالث الذي هرب من طرابلس قبل أن يقبض عليه هو وألكسندر الكسندروفيتش بروكوفييف وهو أيضا عالم اجتماع.
الفريق دخل بطريقة رسمية
وعلّق مدير مؤسسة حماية القيم الوطنية الروسية، ألكسندر مالكيفيتش، على الحادثة بقوله إن الفريق الروسي قد دخل ليبيا بالتنسيق التام مع السلطات الليبية، وأن عملية دخولهم تأتي لجمع المعلومات الاجتماعية والسياسية لليبيا، ما بعد ثورة فبراير، دون أن يذكر على وجه التحديد، هل المجلس الرئاسي أو أحد مسؤوليه، مشيرا في بيان أصدره أن الفريق كان من بين أعضائه ألكسندر الكسندروفيتش بروكوفييف، والذي ذكرت بعض المصادر بفراره من موقعه في طرابلس، قبل الوصول إليه.
ومنذ أن أطلقت كتيبة أبو بكر الصديق بمدينة الزنتان سراح سيف الإسلام القذافي في 11 يونيو 2017، لم يظهر في أي مكان عام، ولكن هناك من يؤكد أنه لا يزال داخل مدينة الزنتان، كما أنه أرسل مطلع العام الماضي، وفدا من فريق العمل السياسي له إلى موسكو لتسليم رسالة إلى وزارة الخارجية الروسية، تتعلق بوجهة نظره لحل الأزمة في بلاده.
وتُعيد هذه الحادثة المثيرة للجدل، الأضواء على ليبيا الشاسعة، التي أصبحت ملاذًا ومسرحًا للصراعات الدولية الخفية، ومعها تعود حكاية سيف الإسلام القذافي، التي يحاول الروس كتابتها، لا لأجل الاستقرار، بل لأهداف أخرى، لا تُكتب عادة وتبقى حبيسة الأدراج.