تصفية “الحنكورة”.. الليبيون بين “الفرح والحزن والخطر”
218TVخاص
تتردد “نبوءة لافتة” في أوساط الليبيين، لكنها تثير “الفرح والوجع” في آن واحد.
فسقوط قائدين لمجموعات مسلحة في العاصمة في غضون أيام قليلة؛ ليس أمراً عاديا، إذ هناك من يقول إن العديد من المجموعات المسلحة ستشهد خلال المرحلة المقبلة “تصفيات وانشقاقات” في مشهد دموي يحاول كثيرون ربطه، ولو جزئياً، بتعاظم التهديدات الدولية بملاحقة وضرب المجموعات المسلحة في ليبيا. واستفاق الليبيون اليوم على خبر مصرع خيري الككلي الشهير بـ”الحنكورة”، بعد نحو يومين فقط، من مقتل صالح قبقوب آمر معسكر النعام، إضافة إلى اختفاء محمد البكباك، ومقتل محمد بوعزة، الأمر الذي يثير تفسيرات متضاربة، لكن ما يمكن الوقوف عنده، بحسب آراء ومواقف وانطباعات هو “الوجع والحزن” الذي تتأثر به ليبيا التي تنزف شبابها منذ سنوات طويلة، وأيضا العائلة التي يُتْرك الأطفال فيها، ومعهم النساء، زوجات وأمهات وبنات، “نهباً للمجهول”. لا أحد يعرف –وفق مواطنين- مصير عائلات قادة المجموعات والكتائب، فكثيرون ينظرون للقتلى على أنهم إرهابيون وخارجون عن القانون، ويستحقّون “الجزاء العادل”، لكن مواكبين للحالة الليبية يقولون إن لهذه التصفيات أثر سيتضح اجتماعيا وأمنيا في مرحلة لاحقة، فترك أطفال القادة القتلى بلا معيل أو من يتولى أمرهم، عدا عن نظرة المجتمع، هو أمر سيدفع أطفال اليوم إلى “الخروج عن القانون”، حينما يصبحون شباباً.
يفترق الليبيون عند مسائل كثيرة، لكنّهم يلتقون عند “ظاهرة غريبة وحزينة”، مفادها أن العالم “يُغمض عينيه” عن “الجريمة اليومية” على امتداد المدن الليبية، وهي قتل الشباب الليبي الذي يُشكّل نحو 60% من المجتمع، إن في صراعات عبثية مريرة، أو في انخراطهم في تنظيمات مسلحة ومتطرفة أحياناً، لتصبح مهنتهم الوحيدة إما “قاتل أو مقتول”، عدا عن الشباب الذي يطحنه “اليأس والإحباط” فيموت بـ”صمت وبطئ” بحثا عن “فرصة مثالية” للموت الحقيقي، لكن عارفين بخبايا المشهد الليبي يقولون بلا تردد إنَّ “قصة قتل” شباب ليبيا لم تبدأ مع الفوضى السياسية والأمنية خلال السنوات القليلة الماضية، بل بدأت قبل عقود طويلة، وإنّ “القاتل التاريخي” لليبيين كان العقيد معمر القذافي ونظامه. نحو “جيل كامل” في ليبيا حرمه العقيد “نظاماً وحاشية وأبناء” من أن يتمتع بطفولته أولاً ثم بشبابه، حينما كانوا “صبحا وعشية وسهرية” يسمعون قصصا عن سجون الرعب، ومعتقلات الظلام، عدا عن حفلات القتل المجانية التي كان يقيمها النظام لـ”الحالمين بغد أفضل”، فأطفال وشباب كانوا جزءاً من “ذاكرة الرعب” التي وهبها العقيد لمجتمع كامل، ظل يعاني حتى اليوم “من شيء لا يعرفه”. يرفض ليبيون أن يتحمل العقيد القذافي، و”قوى الأمر الواقع” بعد ثورة فبراير وحدهم مسؤولية قتل الشباب الليبي وطحنه، فالطبقة السياسية التي أدارت المشهد الليبي طيلة السنوات الماضية لم تُقدّم للشباب ما يغريهم، أو يعينهم على إلقاء السلاح، والكفر بالمليشيات، ومحاولة خدمة ليبيا عبر “القدرة والموهبة والتخصص”، فالشباب الليبي شاهد بما لا يدع مجالاً للشك ساسة ليبيين وهم “يخنبون الوطن”، و”يقامرون عليه”، و”يتكسبون سياحة وبذخا وهدرا” من أموال كانت كفيلة بأن تضع شباب ليبيا في حالة أخرى تماما على كل المستويات. على العالم أن يتحرّك فوراً –يقول ليبيون- لإنقاذ شباب ليبيا عبر مبادرات وقرارات دولية تدمج قوة الشباب في أعمال مفيدة ونافعة، وأن يُعاد تشكيل قوة عسكرية وقوى أخرى مدنية للإعمار والبناء للمحافظ على “شباب ليبيا”، والانتقال سريعا، وفق خريطة طريق شاملة للسياسة والأمن والجيش والاقتصاد والتعليم والقضاء، إلى المستقبل دون تردد.