بعد سبعة فبراير.. كيف تبدو الصورة!
سينظر المرء إلى ما تمر به ليبيا فلن تكحل عينيه إلا طوابير السيولة، طوابير الخبز، انقطاع الكهرباء، انهيار البنية التحتية وتضررها خصوصاً في الشتاء كل عام، وما وصلت إليه المستشفيات وغيرها من خدمات المواطن.
لكن المتمعن في الصورة يفهم أن هذه العوارض ليست هي صورة ليبيا بعد سبع سنوات مرت على انطلاق فبراير، ومن يركز في التفاصيل أكثر سيتحدث أن ما يراه البعض الصورة كاملة، هو جزء من كل يتعمد البعض إهماله.
سيبدو الدفاع عادياً بالقول إن كل ما يحدث ليس إلا نتيجة لسبب، فلا يمكن لوزارة صحة أو أي وزارة خدمية في دولة مؤسسية أن تنهار مباشرة عقب تغيير رئيس، ناهيك عن انهيار نظام مصرفي كامل وغيره الكثير من المؤسسات.
لكن الحقيقة التي يتجاهلها أكثر الناس أن الانقسام الحقيقي، والتدني المفرط في الخدمات لم يبدأ إلا بعد الانقسام السياسي الذي خلقته تيارات متصارعة، ولا يرتبط ارتباطاً مباشراً بفبراير.
ما ارتبط حقيقة بفبراير هو تدني الوضع الأمني، الذي إن طرأ نقاش أسبابه سريعاً بين المتحاورين فسيبدو للعيان كل ما حكاه من كان قريباً من دوائر الأوامر العسكرية حينها والتي فتحت أبواب المعسكرات للمتظاهرين، بلد وأكدها الدكتاتور في خطابه الرمزي التاريخي، من على أسوار (السراي الحمراء)، بالتعهد بجعل ليبيا حمراء جمر.
الأسئلة الحقيقية التي لن تجد إجابة عند السؤال عن تدهور الوضع الأمني، ستكون أسئلة من قبيل ما الخطة المالية التي كانت تجود بها قريحة النظام عند توزيعه على أفراد سجناء سابقين ما يفوق 300 ألف دينار ليبي كتعويضات (أكثر من 230 ألف دولار) لتوزع على مئات “المتطرفين” السابقين، ويتحولوا لقادة لمجموعات مسلحة بعد سقوط النظام.
إذا بعد سنوات سبع مرت على ليبيا، شهدت فيها تغييراً سياسياً درامياً مقارنة بالجمود الذي شهدته لعقود أربعة تبدو الصورة معقدة، فالبحث المضني عن دولة المؤسسات وحقوق الإنسان مازال مستمراً، لكن التلبيس والتدليس لما وصل إليه حال البلاد، جعل البحث وكأنه جريمة ما كان على الليبيين اقترافها في 2011 ولا يجب عليهم التفكير فيها مجدداً.