بعد “التونسية” الورتاني يقع في الفخ ويجهل..”ليبيا مش سايبة”!
بلغة واضحة لا لبس فيها.. “كلها ميلشيات” لم تكن هذه الكلمات، ضمن برنامج ترفيهي في تونس الشقيقة، بل كانت موجّهة إلى عموم ليبيا، في برنامج كان من المفترض أن يكون مقدّمه أو مُنشّطه نوفل الورتاني، أكثر ذكاءً ووعيا، لو أنه أوضح للأفريقي الذي نعت الليبيين بأوصاف غير أخلاقية، بجملة واحدة: ليس كل الليبيين ياعزيزي.. ولكن ما حدث عكس تماما المشهد العام الذي سوّقه برنامج “أمور جدية” على قناة الحوار التونسية، وكشف عن حالة غياب تام لمعدّي هذا البرنامج ومقدّمه الذي تأثّر بعد حواره مع المهاجر الأفريقي، دون أن يفكّر في مشاعر الليبيين الذين خرجوا على منصات التواصل بصور تتضامن مع كل المهاجرين الأفارقة،
بعد التقرير المزعوم الذي روّجت له “نعيمة باقر” في قناة السي إن إن، حول أسواق النخاسة في ليبيا.
وهذه السقطة الأخلاقية لم تكن الأولى في “التلفزة التونسية” التي أطقلت ما يُشبه العداء غير المباشر مع ليبيا، وكأن تونس بلدُ أكمل كل قضاياه الشائكة والتي أهمها البطالة وانتشار إرهاب عناصره على كل المنطقة، لا ليبيا وحدها، بل تجاوزها ليمتدد إلى سوريا والعراق. وبفضله أصبح الإرهاب الداعشي في المنطقة، ماركة مُسجّلة، دون أن يُكلّف الورتاني أو غيره من المنشطين على القنوات التي انتهجت الهروب من أزمات بلدانها الحقيقية والتي يعاني التونسيون، إلى الداخل الليبي الذي كان يضنّ بحُسن النية، إن الجارة التونسية، تعمل على أن يجتمع فيها الليبيون الفرقاء وينتج وفاقا غير مدفوع الحساب للفنادق الفاخرة.
ولكن للقصة فصول عديدة، لم تكتبها قناة الحوار التونسية لوحدها، بل أقدمت قبلها القناة التونسية التاسعة، بعد استهزائها بالليبيين بخصوص كرة القدم، والذي خرج فيه المدعو “طارق بعلوش” مُتهكّما على اللهجة الليبية وعلى جمهور كرة القدم في ليبيا بشكل خاص.
ولم تقف التاسعة التونسية عند هذا التجاوز الذي أجبر العبدلي على الاعتذار من الليبيين بعد أن شنّ نشطاء في ليبيا حملة عليه، بل تجاوزت هذه القناة، في حملة تبليغ على تقرير بثّه برنامج العشية كشف ما حدث بالتفصيل، وهو الأمر الذي لم تتعامل معه التاسعة – كما قال العبدلي – أنهم يحترمون كل الآراء الليبية حول ما أقدم عليه، بل تعاملت معه بتعسف وإقصاء الرأي المخالف، وقامت بالتبليغ الممنهج، ما جعل التقرير يُحذف من منصات التواصل الرسمية لقناة 218.
وبالعودة إلى الحدث الذي نقصده على وجه التحديد، وهو قناة الحوار التونسية، وصمت نوفل الورتاني أمام “إهانة ليبيا شعبا وتاريخا”، أمام ما قاله مواطن أفريقي، نكتشف “بدون قصد” إن كل من استضافهم برنامجه ادعّى أن اسمه “أمور جدية” لم يكن جديا في تعامله وفحواه كما هي العادة في البرامج التي تحترم اسمها، بل تجاهل كل هذا، حين سمح لضيوفه بأن يقولوا بكل جُرأة “هؤلاء وحوش جُملة ومُجرمون ” وكأن ليبيا أصبحت مادة خصبة لبعض البرامج التونسية التي تحاول أن تهرب من واقع الشعب التونسي الذي يطالب بالعدالة والتنمية الاجتماعية، بعيدا عن الإملاءات السياسية التي أصبحت تونس تحفظها عن ظهر قلب، والتي اقتربت من مرحلة الصراخ: أتركوا الجيران والتفتوا للأزمة التي يدفع ثمنها التونسي كل يوم.
أما عن “كريم الغربي” الذي كان ضيفا في الحلقة التي كانت أشبه بالمسرحية في برنامج “أمور جدية” فتجاوز كل الأعراف التي تحترم الإنسان، ولكن تدارك خطأه وحاول إصلاحه بصورة نشرها صحبة الأفريقي على صفحته الشخصية على الفيسبوك وكتب الآتي: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ..السيد هذا تباع وتشرى بالفلوس في ليبيا من ميليشيات مايمثلوش الشعب الليبي الشقيق (تجارة العبيد) لاحول ولا قوة الا بالله”. وحاول أن يُرسل أو يُصلح ما أقدم عليه مع الورتاني وضيوفه.
وفي شأن آخر مرتبط بما حدث، نادت أصوات غاضبة في ليبيا مما فعله “نوفل الورتاني” وقناة الحوار التونسية، بضرورة أن يتجه الأفارقة المهاجرون إلى تونس “الجنة” التي لا يوجد فيها وحوش ولا “ميليشيات”، وأن يتكفّل الورتاني برعاية بعض الأفارقة المهاجرين وتقديم يد العون لهم، وأن يدعوا دولته بأن تستقبل المهاجرين الذين يقبعون في ليبيا تحت رحمة “الوحوش” ولا بأس بعدها، إن خرج الاتحاد الأوروبي، محترما رغبة “ضحايا العنف في ليبيا “، بالاتجاه إلى الشقيقة تونس ، وأن يتركوا الجارة لوحوشها.