باليرمو عوامل النجاح وعوامل الفشل
عبدالعظيم البشتي
إن أراد رعاة مؤتمر باليرمو النجاح في مهمتهم التي من المفترض أن تركز على السعي من أجل جسر الهوة، والتقليل من حجم الخلاف بين الأطراف المؤثرة والمتصارعة من أجل الوصول إلى توحيد المؤسسات، والعمل معا في ظل دولة موحدة، يتم فيها توزيع السلطات بالشكل الذي يدفعها إلى العمل معا بقناعة راسخة، وليس مجرد كلمات وتصريحات غير صادقة، تتبخر بمجرد الرجوع إلى أرض الوطن.
هذا التوافق الذي لا أرى إمكانية لتحقيقه إلا عبر برنامج حقيقي وراسخ، تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن طرفا فيه، أولا: لنزع سلاح كل الميليشيات على مراحل يتم تحديدها بدقة، على أن يتم استيعاب عناصرها لمن أراد ذلك سواء في وظائف مدنية حسب المؤهلات، أو في سلكي الجيش والشرطة، وأيضا لمن أراد ذلك وحسب القوانين واللوائح المعمول بها في هاتين المؤسستين، وذلك في كل من طرابلس وبنغازي وكل المدن.
ثانيا: الأمر الآخر والمهم هو تحديد موعد لانتخابات تشريعية ورئاسية، وفور إنجازها على قيادة الجيش أن تكون تحت إمرة رئيس الدولة المنتخب.
وعلى الدولة الراعية لهذا الاجتماع (إيطاليا)، وأيضا على كل الدول المؤثرة على أطراف النزاع أن تكون قد تباحثت مع الأطراف المتصارعة مسبقا، ووصلت معها إلى اتفاق حقيقي وجاد ولا رجوع عنه على نقاط اتفاق على هذا البرنامج قبل بدء المؤتمر، حيث يكون المؤتمر فقط لإعلان ما تم الاتفاق عليه مسبقا مع وجود دول ضامنة لتنفيذه حسب اتفاقها مع الأطراف، أما مجرد الجلوس في باليرمو وادعاء الوصول لاتفاق وقطع الوعود الزائفة أمام الإعلام وشاشات التلفزيون ثم النكوص عنها بمجرد الرجوع لأرض الوطن ، فهذا ليس إلا مسرحية هزلية تشارك فيها هذه الدول وقد مللنا تكرارها، لذا يجب أن تكون الاتفاقات ناتجة عن قناعة حقيقية وراسخة، كما يجب وجود آلية لفرضها من قبل مجلس الأمن على الطرف الذي ينكص عن الالتزام بما يتم التوصل إليه من اتفاقيات، وقبل هذا وبعده ضرورة حل الميليشيات كما ذكرت سابقا، وإلا فلتتوقف هذه الدول وليتوقف المجتمع الدولي عن هذه الاجتماعات -المسرحيات – التي أطالت من عمر الأزمة الليبية ومن زمن معاناة هذا الشعب الذي ظلم كثيرا وطويلا دون مبرر إلا تلاعب ونهم بعض الدول ومن ارتبط معها من العملاء والفاسدين من أبناء جلدتنا.