“القلِق” كوبلر يُودع العاصمة طرابلس ب”الحوت”
مازن سعد
بين السابع عشر من نوفمبر من عام 2015 والثالث عشر من مايو – 2017 -تواريخ لم يكن بإمكان الألماني كوبلر إلا أن يكون شاهدا عليها بعين الحيلة من جانب، والتركة المستعصية من جانب آخر .
كوبلر المنتشي بإنجازه في الكونغو ، حين استقبلوه بالحجارة وودعوه بالورود، وقبله في العراق – بيئة مفخخة بالمخاوف والقلق وانحباس الأنفاس، إلى ليبيا، إذ ما كان يتصور أن الصخرة الليبية عاتية إلى هذا الحد، ويمكن أن تتكسر عليها أحلام وتطلعات رسل أمميون كثيرون، وأنها تحتاج لمعجزة مليئة بالأسرار والغموض الأمر الذي يجعل المبعوث القادم الجديد في موقف لا يحسد عليه.
في كل مرة تطأ فيها قدما كوبلر طرابلس – أسواقها الشعبية ومحلاتها التجارية، مخيماتها ومدارسها وأخيرا سوق الحوت فيها – تبدو هذه الجولات مثل محطات لصناعة الذكريات فلا ينسى أن يلتقط صورا تذكارية، ربما هي الوحيدة التي سيعود بها إلى دياره، إضافة إلى حمولة الفشل الفاضح الذي صنعه وخلَّفه خلفه، وترك الأزمة كما لو كانت تشتعل للتو.
الرجل القلق .. يدين تارة ويشجب في أحيان أخرى ويؤثر الصمت في مناسبات عديدة .. يرى الليبيون اليوم وهم على أعتاب توديعه بأنه لم يحرك ساكنا منذ توليه مهام المبعوث الأممي عام 2015
طار بملف الأزمة الساخن إلى عواصم عالمية عديدة والتقى بأطراف كثيرة وحاول مرارا إجراء تعديل على اتفاق الصخيرات، تجاوز خطوط بعثته ( الدستور – القبائل- مباركة اتفاق الجضران ) ولكنه في كل مرة لم يستطع التقدم خطوة واحدة نحو الإمام، ومع ذلك ظل رجلا محاربا بشراسة عبر تغريداته التي لم تتوقف في تويتر.
وسواء رحل أو سيرحل قريبا فإنه في نهاية ماراثون الأزمة الذي قد يطول من بعده ، يضرب مثلا محفوظا في ذاكرة الليبيين “أهل مكة أدرى بشعابها”، وأهل ليبيا أخبر بخفاياها واسرارها وتاريخا، وأدرى حتى بمستقبلها..