“الهوش” و”السّيليني”.. جُرحان في منتصف “سبتمبر”
218TV.net خاص
أحلام المهدي
في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كنت أستعد للكتابة عن الذكرى الثالثة لرحيل الفنان الليبي “نجيب الهوش”، هذا الأسمر العذب الذي غادر العالم بصمتٍ بهيّ، بعد أن أضفى الكثير من البهاء والفرح على أوقاتنا، لكن فنانا ليبيا آخر تسلّل إلى كلماتي يومها، وغادر “محمد السيليني” أيضا، ليُعمّق الجرح الذي أصاب الساحة الفنية والثقافية في البلاد، وليعود منتصف “سبتمبر” كل عام ويذكرنا بأفول كِلا النجمين.
منذ أربع سنوات رحل “الهوش”، لكن أغنياته لازالت بصمةً من فرح وحب على صفحات الذاكرة الليبية لن تختفي قريبا، ولازال صوته الدافئ يُهدهد صقيع أيامنا، بعد أن وجد الطريق إلى نفسه وإلينا بموسيقاه التي كسرت المألوف في ذلك الوقت، وكانت قفزةً للأمام في تاريخ الأغنية الليبية، وقد جعلها مزيجا ساحرا بين “الريغي” الغربي والكلمات المحلية والألحان الثورية آنذاك، لدرجةٍ يسهل معها التخمين أن هذه الأغنية لنجيب الهوش بمجرد سماع مقدمة اللحن والموسيقى، فلا أحد يشبه “الهوش” أبدا.
أما “السّيليني” الذي جسّدت أغنياته خصوصيةً ليبية في الكلمة واللحن، فقد ترك الكثير للأرشيف الفنّي في ليبيا:
سلامات يا دار الحبايب جيتك بلاهم غريبة في عيوني ريتك
غنّى للحب وللحياة، وكان للوطن في أغنياته مكان لا ينبغي لسواه: فهو “العاشق” وليبيا “الغلا والغالي”، أما “حني هلنا شيّالة هَم” فقد ترجمت قدر الليبيين كما يجب، ومن غيرهم يملك هذه القدرة الأسطورية على “شيل الهَم” الذي لا يتوقف عن مطاردتهم؟
بسمتان غادَرَتا ثغر الوطن، لكن ملامحه تظلّ قادرة على استنساخ البسمات، وخلق الأمل والفرح من العَدم، لتستمر الحياة وتُطوى مواسم الحزن والألم مهما طال مكوثها.