“النهج الشعبوي” لحكومة الدبيبة يثير المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الليبي
أبدى المحلل السياسي والباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية “ولفرام لاتشر”، تخوفه من نفاد أرصدة البنك المركزي الليبي نتيجة “للنهج الشعبوي” الذي يسلكه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وقيامه بصرف الأموال على أكثر من صعيد متسائلا: هل سيتبقّى ولو فلساً واحداً في المصرف المركزي بعد انتهاء فترته المحددة في ديسمبر المقبل؟؟
وأشار لاتشر إلى أن الصرف الباذخ للحكومة نظرياً وعملياً على مشاريع الإسكان والتنمية ومشاريع الشباب والصرف على الاحتفالات والمناطق، يتم دون ميزانية معلومة من البرلمان الذي رفضها أكثر من مرة بدعوى ضخامتها.
وأضاف لاتشر أن عيوب التسوية السياسية التي قادت الدبيبة لرئاسة الحكومة بدأت تظهر بالفعل، إذ أصبح الفاعلون السياسيون يتنافسون للوصول إلى أموال الدولة عبر الحكومة، مبيناً أن صراع توزيع الأموال قد يختبر تماسك الحكومة التي سعت لتنحية الخلافات الجوهرية جانباً، متجاهلة التحديات الأمنية الأمر الذي يجعل من غير المُرجّح أن تُحرز حكومة الدبيبة تقدماً نحو توحيد هياكل القيادة، أو إحكام السيطرة على الجماعات المسلحة أو حل الميليشيات، إذ يتجنب مواجهة التحديات في قطاع الأمن لأن القيام بذلك يتعارض مع نهجه المتمثل في استرضاء الفصائل ومنحها إمكانية الوصول إلى أموال الدولة.
وتابع المحلل أن الدبيبة لم يُعيّن وزيراً للدفاع لأنه لم يحظَ أي مرشح بالقبول، ووزير داخليته مثله مثل نظرائه، يؤيد سياسة السماح للجماعات المسلحة المتنافسة بالعمل تحت مظلة وزارة الداخلية والاستفادة من أموالها، كما يتمتع رئيس الوزراء نفسه بحسب لاتشر باتصالات مكثفة مع الجماعات المسلحة في طرابلس ومصراتة والزاوية، وجميعها تحصل على قدر كبير من الفسحة والعطاءات والهبات.
وحذّر لاتشر من عدم نجاح الانتخابات المقبلة، حيث اعتبر ذلك باباً لأزمة سياسية جديدة وتوترات بين المنتفعين ومعارضي الحكومة، هذا غير احتمالية تجدد صراع أكبر على الساحة السياسية.
ويُشير المحلل السياسي إلى أن الدبيبة استجاب بالكامل لمطالب بعض نواب البرلمان ومجلس الدولة في تشكيل الحكومة، وبالتالي توصل إلى تشكيلة حكومية على أساس العلاقات “الزبائنية” على حدّ وصفه، والذين لديهم القليل من المصالح السياسية المشتركة، كما أن عدم اعتماد حكومة الدبيبة على ائتلاف من الكتل السياسية التي يمكن تحديدها جيداً سيقودها إلى الخضوع لسلطة بعض البرلمانيين وحزب العدالة والبناء المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، كما أنها تضم ممثلين عن عشرات الشبكات ذات المصالح والمحسوبية وفيها من يحاول الإثراء الشخصي.
جدير بالذكر أن الدبيبة قد أصدر عدداً من القرارات التي تضمنت إنفاقاً مالياً من دون غطاء قانوني من الموازنة العامة، التي تعثر اعتمادها في مجلس النواب، الأمر الذي يُثير المخاوف بشأن قوة الدينار الليبي وعجز مُحتمل على تغطية النفقات المتزايدة في ظل محدودية الموارد.