المهاجرون في ليبيا.. “الوجه الآخر للأزمة”
إن الوصف المألوف للمهاجرين في ليبيا هو البؤس والاحتجاز في مراكز احتجاز سيئة، لكن الوجه الآخر للهجرة هو أن الكثيرين منهم يأتون للعمل، وبعضهم يسافر إلى بلاده ويعود وقد قام بذلك عدة مرات على الرغم من المخاطر التي تتمثل في عصابات التهريب والمجموعات المسلحة أو أرباب العمل الذين لا يرحمون فمازالت ليبيا رغم كل شيء خيارا أفضلا لكثير منهم.
وبعد سنوات من الصراع وسوء الإدارة السياسية التي نجمت عن الانقسام السياسي، أصبحت ليبيا الغنية بالنفط على حافة الانهيار الاقتصادي، وبالكاد يمكن أن تعتني بمواطنها المكافح من الناحية المالية، ناهيك عن القوى العاملة المهاجرة التي أصبحت عرضة للابتزاز والاختطاف وغير ذلك من الانتهاكات.
وقال فيليب بادو، وهو راعي أغنام من غانا عاش في طرابلس على مدى السنوات الـ25 الماضية، إن دوامة العنف الحالي جعلت الحياة سيئة للغاية بالنسبة للعمال المهاجرين، مضيفا أن ليبيا قدمت دائماً العديد من الفرص للأفارقة، حيث لم يكونوا مهتمين بالذهاب إلى أوروبا من قبل لأنه يمكنهم كسب المال الجيد هنا، مشيرا أن هذه المشكلة الكبيرة في مجال الهجرة لم تبدأ إلا منذ عام 2011.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود حوالي 670.000 مهاجر ولاجئ في ليبيا، منهم 56.455 مسجل حاليًا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و 6.200 آخرين في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد، ولكن التقديرات لم تشر إذا ما كان هؤلاء الناس في البلاد للسفر واستخدامها كممر أم أنهم جاؤوا فقط للعمل.
ولا تزال معظم القوى العاملة الأفريقية تتركز في مناطق جنوب الصحراء الكبرى والتي تعمل على تفريغ سيارات البضائع التي تهرب للدول المجاورة وبعضهم يعمل في مناجم غير شرعية في التنقيب على الذهب الموجود في بعض المناطق في جنوب البلاد، كما أن بعضهم يعمل في مجال الزراعة إضافة إلى بعض الحرف المتعلقة بالبناء والتشييد وتنظيف الشوارع وجمع القمامة.
وتعتمد ليبيا بشكل كبير على القوى العاملة المهاجرة خصوصا في الحرف اليدوية والمهن الخدمية، حيث بات الشاب الليبي يعزف عن الانخراط في هذه الأعمال بعد أن أصبح التعيين الحكومي هدفا للكثيرين، حيث إن الأعمال الحكومية تكاد تكون معدومة في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد والانقسام السياسي الحاصل، وهو ما أسهم النظام السابق بشكل كبير في تكريسه عندما قام بإغلاق كافة الأنشطة التجارية والحرفية واحتكر السوق فيما زعم أنه نظام اشتراكي جماهيري وهو ما عزز غياب الكثير من الليبيين من العديد من المهن التي كان الآباء يُعلمونها لأبنائهم.