المرتزقة السوريون في ليبيا.. “يائسون بعد كذبة أردوغان”
“يائسون يرغبون في العودة إلى بلادهم بعد أن كذبت عليهم تركيا”، هكذا عنونت الصحفية الأميركية ليندسي سنيل تحقيقها الذي نقلت فيه شهادات لمرتزقة سوريين أرسلتهم تركيا لدعم قوات حكومة الوفاق، بعد أن وعدتهم تركيا بتلقي رواتب تتراوح بين 2000-3000 دولار شهريا.
وأشارت سنيل في تحقيقها إلى أن حكومة الوفاق الوطني لم تلتزم بالمدفوعات كما وعدت الفصائل السورية التي تقاتل ضمن صفوفها في طرابلس، بحسب شهادات عدد من المرتزقة من عدة فصائل سورية.
ونقلت سنيل عن أحد أعضاء فرقة حمزة أنه يتلقى 2000 دولار كل شهر ونصف بدلاً من كل شهر، فيما يقول بعض أعضاء فيلق المجد، الذين كانوا في ليبيا منذ أكثر من ثلاثة أشهر، إنهم تلقوا رواتبهم مرة واحدة فقط منذ وصولهم، مضيفين أنهم تلقوا وعودًا بتلقيهم 3000 دولار في الشهر، وتحصلوا لاحقاً على 2000 دولار في الشهر الأول وثم 1400 دولار في الشهر الثاني ولم يتقاضوا أجورهم في الشهر الثالث.
سرقة المنازل
وأشار أحد المرتزقة السوريين يدعى أحمد، وهو ضمن مجموعة قامت الصحفية الأميركية ليندسي سنيل بمقابلتهم، إلى أنهم قاموا بعد عدم تلقيهم أجرهم في الشهر الثالث بسرقة المنازل لتغطية مصاريفهم.
وأضاف أحد أعضاء فرقة حمزة، للصحفية سنيل، أن أحد عناصر قوات الوفاق ضمن مجموعته القتالية يقوم بإيصال المرتزقة السوريين إلى المتاجر في طرابلس لبيع ما قاموا بسرقته، مشيراً الى أن العديد منهم باتوا يمارسون النهب والسرقة بدلًا من القتال خاصة في الصفوف الأمامية.
فيما لفت هلال هاشم، وهو رجل أعمال ليبي من طرابلس، إلى أن أحد التجار حاول إبلاغ الشرطة أثناء محاولة أحد المرتزقة السوريين بيعه بضاعة مسروقة، إلا أن الشرطة لم تفعل شيئاً لسيطرة المجموعات المسلحة في طرابلس عليها، مضيفاً انه والعديد من المدنيين في طرابلس ينتظرون دخول قوات الجيش الوطني إلى طرابلس، واصفاً المرتزقة السوريين بالمتطرفين والإرهابيين المنتمين لتنظيم داعش.
الوعود تبخّرت
ويقول زين أحمد، وهو أحد المرتزقة من فرقة حمزة، إن معظم الوعود الأخرى التي تعهدت بها تركيا لم تتحقق، مضيفاً “أخبرونا أولاً أنه إذا بقينا وحاربنا لمدة ستة أشهر، فسنحصل على الجنسية التركية.. وهذه كانت أكاذيب”، مشيراً إلى أنه تم إبلاغهم بأنه في حالة مقتل أحدهم في ليبيا، فستحصل عائلاتهم على الجنسية التركية، ويقول أحمد “الآن وقد مات الكثير من السوريين في ليبيا، نعلم أن هذه كذبة أيضًا”.
ونقلت سنيل عن أحمد قوله إنه عندما قُتل أحد أعضاء “أحرار الشرقية” في معركة في فبراير، مُنحت أرملته في عفرين حوالي 8000 دولار، إلا أنها لم تتحصل على الجنسية التركية وتعيش في مخيم في سوريا الآن.
ويؤكد أحمد أن القادة الأتراك الذين أطلعوهم على مهمة ليبيا أساؤوا بشكل كبير وصف المخاطر التي سيواجهونها، بعد أن أبلغوهم أن القتال سيكون طفيفا وأكثر أمانًا وأسهل من القتال في سوريا.
بعد وصوله إلى ليبيا، بقي أحمد في منزل في طرابلس مع 10 مقاتلين سوريين آخرين وليبي واحد تابع لقوات الوفاق كان يرافقهم كلما غادروا المنزل الذي كان عبارة عن “فيلا” مجهزة بشكل جيد، ومن شبه المؤكد أن أصحابها الشرعيين تركوها عندما اشتدت الاشتباكات واقتربت أكثر، حسب وصف أحمد.
وانتقل أحمد وباقي المرتزقة السوريين بعد عدة أسابيع الى صلاح الدين بعدما اشتدت حدة الاشتباكات، وأشار أحمد أن الوضع كان أسوأ من سوريا مع استمرار تساقط الجثث في الشارع دون أن يلتقطها أحد ومات الكثير من السوريين”.
“نحن نُذبح”
وقال أحمد “لم يكن الأمر كما اعتدنا عليه في سوريا.. إنها قتال الشوارع في المناطق السكنية في طرابلس، ليس لدينا الأسلحة المناسبة أو المهارات المناسبة، نحن نُذبح”.
ويضيف أحمد أنه عندما بدأ المسلحون السوريون في تحدي الأوامر، قام جنود ليبيون متحالفون مع حكومة الوفاق الوطني بضربهم، مشيراً إلى أن أحد مقاتلي الوفاق أطلق النار على أحد المرتزقة السوريين في ساقه بعد رفضه الأوامر ثلاث مرات.
وأشارت سنيل في تحقيقها أنه في النهاية، أُجبر أحمد على دفع مبلغ 700 دولار أمريكي لقائده السوري للسفر إلى سوريا، ونقلت عنه قوله إنه كان هناك حوالي 100 سوري يائسون، ويرغبون في العودة إلى بلادهم ودفع بعضهم 500 دولار وبعضهم دفع ما يصل إلى 1000 دولار، وتم وضعهم على متن طائرة مع القتلى والجرحى وسمحوا لهم بالعودة إلى سوريا.
ولا تزال تركيا تُسير رحلات جوية لنقل مئات المرتزقة السوريين أسبوعياً إذ يتراوح عدد المقاتلين بين 5000 إلى 17000 ولا تزال الرحلات الجوية مستمرة على الرغم من جائحة فيروس كورونا.