المبعوث الأممي الثالث يبدأ أول جولاته لجس النبض والتقييم
فيما يواصل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح اختفاءه عن المشهد، عقد المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر عدة لقاءات أثر وصوله إلى طبرق أمس، مع وزير الخارجية محمد الدايري والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب وبعض النواب في فندق، إضافة إلى عميد بلدية طبرق، وذلك قبل أن يتحول اليوم إلى طرابلس حيث عقد اجتماعا مطولا مع السيد نوري بوسهمين الذي لم يتأخر لحظة على اغتنام هذه الفرصة التي هبطت عليه من السماء لتكسر روتينه اليومي الخاوي من النشاط.
في رحلة التنقل هذه تواجه السيد كوبلر صعوبات جمة للتواصل مع طرفي نزاع منقسمين بدورهما إلى إطراف مجزأة كلعبة المربعات في جسم كل منهما. فليس خافيا على أحد أن المؤتمر الوطني يعاني من انقسامات جدية شلت قوته وأضعفت الرئاسة فيه، التي قاربت أن تكون مجرد رمز يتحرك على المشهد يمثل ماضيا أكثر مما يمثل حاضرا. أيضا البرلمان يشهد انقساما واضحا بين نوابه على خلفية المسودة الخامسة لسلف كوبلر السيد ليون، حيث أيد هذه المسودة ما فاق 90 نائبا وهو أعلى من نصاب البرلمان بشكله الحقيقي كثيرا، وما منع تحول هذه الموافقة إلى حقيقة واقعية هو الرحلات المكوكية التي يقوم السيد عقيلة للخارج ليبيا باستمرار – عمدا كما يقول كثر – من أجل إفشال أي اتفاق في الخصوص.
وفي وقت يسافر فيه السيد عقيلة للعزاء في باريس متجاهلا العزاء في بنغازي، استقبل نائب عن بنغازي السيد كوبلر بتصريح فيس بوكي حدد فيه مسبقا – حسب تصوره – الأجندة الأممية كما ينبغي أن تكون عليه .. ومن ذلك خضوع كوبلر لإرادة النائب – لن نسميه لسحبه تصريحه الذي كتب بليل كما يبدو – وزملاءه الرافضين للمسودة وتفصيل الحل.
واقع الحال يشير إلى أن كلا من المؤتمر والبرلمان قد أصبحا هيكلين خاويين الأول لتفككه بعد خروج مصراتة وجنوحها للسلم في غالبها الأعم، والثاني لانتهاء مدة الولاية دون إنجاز يذكر ليتساوى مع المؤتمر في الجوهر ويزيد عليه أن أغلب أعضائه هم على سفر دائم، كما هو الحال مع رئيسه ..
واذا استمر الحال هكذا فربما يجد السيد كوبلر نفسه في موقف يعجز فيه عمليا عن الحديث مع أحد، إما بداعي السفر أو الضعف أو قلة الحيلة والغشامة السياسية .. وربما لكل هذه الأمور مجتمعة.