المؤتمر الوطني الجامع.. آراء وتوقعات
في الوقت الذي تترقب فيه ليبيا ودول العالم المؤثرة والمتأثرة بأحداثها انعقاد المؤتمر الوطني الجامع في أواخر يناير المقبل أصدرت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بيانا حددت فيه رسالته وأهدافه التي تأتي من منطلق خطط مبنية على دراسات واقعية ممكنة التحقيق.
وورد في البيان بأن اللجنة التحضيرية عملت وانطلاقا من مبدأ المساهمة الفاعلة في دفع الأزمات السياسية التي هي أساس الانقسام في البلاد على انبثاق المؤتمر الوطني الجامع من رحم الأزمة ليحمل على عاتقه مسألة عدم الوقوف موقف المتفرج من دون محاولة إيجاد حل يحقق الاستقرار والحياة الكريمة لليبيين.
وشدد البيان على كون أعضاء اللجنة التحضيرية ممثلين لكافة مكونات المجتمع الليبي وأطيافه السياسية مع قيامهم بدور كبير مع العديد من لجان المصالحة لمعالجة التوترات في أغلب المناطق، لافتا إلى أن من أهم أهداف المؤتمر هو العمل على إنهاء حقبة أليمة، والتوجه نحو بناء الدولة والإنسان بعيدا عن الاقتتال والصراعات المسلحة.
اللجنة أكدت في بيانها اعتمادها مبدأ الشفافية والحيادية في جمع الأجسام السيادية للدولة ومختلف الأطراف المتنازعة إلى طاولة حوار واحدة بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة وطنية موحدة تبسط نفوذها على كامل التراب الليبي وتنجح في وضع آليات لتسوية الأزمة الراهنة.
هذا ولم تحسم البعثة الأممية بعد قائمة المدعوين لحضور المؤتمر إلا أن مصادر مطلعة أكدت أنه سيجمع ممثلين عن النظام السابق والثوار والقبائل والقوى السياسية والأقليات والمرأة والشباب، فضلا عن ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والحكومة المؤقتة.
وفي السياق ذاته أكد عضو مجلس النواب مفتاح عيسى أن المؤتمر الوطني الجامع لن يكون بديلا للأجسام السياسية الموجودة حاليا أو جسما موازيا لها بل ملتقى ستشارك فيه هذه الأجسام سعيا منها لحث مختلف الأطراف على القيام بعملها واستكمال استحقاقاتها.
من جانبهم يرى مراقبون أن هناك رهانا أمميا على عقد المؤتمر لتشعب الحالة الليبية التي تحتاج إلى مصالحة فعلية قبل المرور إلى الحل السياسي والانتخابات لاسيما في ظل وجود تحد داخلي حقيقي يحتم العمل الجدي لإثبات جدارة الليبيين في العمل على إنقاذ بلادهم من دون الحاجة للوصاية الأجنبية.
وأشار المراقبون إلى أنهم ينظرون إلى المؤتمر بكثير من الأمل لأن يتجه إلى تحقيق المصالحة الوطنية بين كافة أطياف المجتمع وأن ينجح في تحقيق ما عجز عنه الفرقاء السياسيون طيلة الأعوام الماضية لاسيما فيما يتعلق بالمواضيع الخلافية مثل الدستور والنظام السياسي والعدالة الانتقالية ووحدة القوات المسلحة واختيار العلم والنشيد الوطنيين والإفراج عن السجناء السياسيين وحل الميلشيات المسلحة.
الخبيرة القانونية والناشطة الحقوقية عزة المقهور توقعت أن يتناول المؤتمر الوطني الجامع مسائل جوهرية سبق وأن تطرق إليها مشروع الدستور أو رحلها للسلطة التشريعية المقبلة وهو ما سيؤثر حتما على المشروع ذاته ونصوصه.
وأضافت بالقول إنه لو تم التوصل إلى اتفاق بشأن المؤسسة العسكرية في مباحثات القاهرة فإن نصوص المواد ذات العلاقة في مشروع الدستور قد تحتاج إلى تعديل فيما سيؤدي التوافق المأمول على العلم والنشيد أو موضوع الجنسية إلى تجاوز نصوص مشروع الهيئة التأسيسية وهو ما يحتم التعاطي مع الشأن الدستوري بشفافية وتعاون أعضاء الهيئة بهذا الشأن في إطار المصالحة الوطنية الشاملة.
المقهور أشارت إلى أن من الواضح أن الأزمة الليبية لن تحل بموجب خطة وطنية محضة وأن هناك حاجة لتدخل دولي، مشيرة إلى أن تجربة اتفاق الصخيرات أثبتت فشلها على الصعيد الوطني، داعية البعثة الأممية والمجتمع الدولي إلى التوقف عن ترديد عبارة أن حل الأزمة الليبية عمل ليبي محض وأنه قرار الليبيين أنفسهم لأن المسار الدولي بات غالبا على المسار الوطني ومتقدم عليه.
وطالبت المقهور بضرورة دمج المسارين ومشاركتهما معا في تلمس الطريق نحو المخرج من الأزمة الليبية وبأن على البعثة الأممية توقع احتمال فشل المؤتمر الوطني الجامع وأن تستعد لوضع خطة بديلة في حال فشله.