اللواء عبدالفتاح يونس.. ذكرى “غصّة الثورة”
اللواء الراحل عبد الفتاح يونس الذي يستذكره الليبيون اليوم في الذكرى الثامنة لاغتياله في الثامن والعشرين من يوليو من عام 2011 رغم أنه أحد الأركان العسكرية في نظام العقيد القذافي، مع هذا انحاز للشعب في فبراير من نفس العام وساهم انشقاقه في حماية الثورة بمدينة شرارتها الأولى بنغازي، قبل أن يلقى حتفه باغتيال غامض كاد يئد ثورة فبراير في مهدها.
فترة قصيرة لم تتجاوز 5 أشهر قضاها الفقيد يونس في قيادة الجيش الليبي في نسخته الجديدة تحت إمرة المجلس الانتقالي، فيما كان الجزءان الغربي والجنوبي من البلاد يرزحان تحت حكم العقيد.. مع هذا كانت هناك محاولات جادة وإصرار وطني ليونس أن يضع اللبنات الجديدة للقوات المسلحة الليبية، وهو الإصرار الذي لم يرُق لقوى الظلام من التيارات المتأسلمة المتطرفة التي يتأكد كل يوم اتهامها باقتراف جريمة اغتيال يونس.
ذات الأيادي التي اغتالت عبد الفتاح يونس هي التي خمدت وانتظرت حتى إطاحة ثورة فبراير بالنظام لتستأنف في 2013 سلسلة الاغتيالات في بنغازي لتطال المئات من ضباط وضباط صف عسكريين ونشطاء حقوقيين ومدنيين وصحفيين وغيرهم.
هي ذات الأيادي وخلفها رموز التطرف والفساد وركوب ثورات الشعوب وسرقتها هي نفسها من أشعل حرباً عام 2014 بعد خسارة الانتخابات وهي نفسها من بعثت بجرافات الموت إلى أنصار الشريعة وفلول القاعدة وغيرها من جماعات مُسلحة في بنغازي ودرنة على مدار معركة الجيش الوطني.
وفي سياق الوثائق والشهادات التي تلت مقتل اللواء عبد الفتاح يونس، كشفت وثائق سرية مسربة تورّط أذرع جماعة الإخوان في ليبيا وأمراء يتبعون كتائباً متشددة في إبعادع عن المشهد العسكري الذي كان يحتاجه بقوّة حينها، تحت حجّة أنه عميل مُزدوج للقذافي وأن انشقاقه عنه كان حبراً على ورق.
اجتماعٌ موسع ضم قيادات إخوانية مُتشددة قبل أسبوعين من موعد تنفيذ الجريمة، خلصت فيه إلى “فتوى اغتيال” فقد الليبيون بموجبها أحد الدعامات التي “كسرت ظهر” النظام السابق في سبيل نيلهم حريتهم.
وبحسب الوثائق التي نشرتها صحيفة “اليوم السابع” المصرية، لم يكن استيعاب انشقاق يونس سهلاً على القذافي الذي بعث بخطاب إليه لإقناعه بالعودة إلى صفوفه، وحاول إغراءه بدعوة خاصة للهروب خارج البلاد، كما اقترح عليه الحصول على لجوء سياسي في مصر أو إيطاليا.
وليس ببعيد عن الحقائق التي كشفتها الوثائق المُسربة، سبق أن وجه رئيس المجلس الانتقالي المستشار مصطفى عبد الجليل أصابع الاتهام للمجموعات المتطرفة باغتيال اللواء في معسكر كتيبة أبوعبيدة الجراح التي كان يقودها أحمد أبو ختالة دون أن يعلن عن أسماء المتهمين المباشرين.
وقال المستشار في تصريحات لـ218 إن نائب رئيس المكتب التنفيذي علي العيساوي هو من شكل لجنة التحقيق مع اللواء، بينما أصدر رئيس لجنة التحقيق جمعة الجازوي أمر القبض دون الرجوع لأعضاء لجنة التحقيق، مضيفاً أن ضباط الجيش رفضوا تنفيذ الأمر، بينما نفذته غرفة الثوار، وهو ما أوقع يونس في أيدي المتطرفين.
وأجاب مصطفى عبد الجليل بـ”نعم” عند سؤاله إن كان الإخوان المسلمون متورطين في مقتل عبد الفتاح يونس.
وغير بعيد ما تشهده طرابلس اليوم من مشاركة الجماعات العنفية التي تتضامن مع أي قوة تواجه جيش البلاد فطيور الظلام لايروقها إلا حكم الكهوف والفوضى.
يبقى يونس رمزاً للإيثار وحب الوطن وقاتلوه مجرد أشباح ستذوي ذات يوم بعد أن ينفضها الشعب تماماً.