الفرق بين مهد الكرة…. و”اللي دهش الكورة”
خاص 218
ابراهيم الحوتي
بأحد مقاهي إنجلترا في نهاية القرن التاسع عشر حاول رؤساء الأندية وضع قوانين للعبة التي أسرت عقول الملايين في عصرنا الحالي، حيث اتفق المجتمعون أن تنال القدم فقط شرف الريادة والقيادة ومن يلمس الكرة باليد يستطيع التوجه نحو السويد أو الدنمارك لعشقهم حينها للعب الكرة بالأيادي، أما الرأس فلا بأس هي وباقي الجسم.
كان شكل مباراة كرة القدم حينها عبارة عن ركض وراء الجلد المدور بطريقة عشوائية وعفوية، أما الذي لا يستطيع الجري فبإمكانه أن يشعل سيجارة حتى تأتي الكرة إليه.
وهذا شبيه بما أراه الآن في كرتنا المحلية رغم كل الأموال التي تصرف على اللاعبين والمدربين. وكرة القدم في بلادنا ناهيك إلى الكم الهائل من المواهب التي لم تستغل، أقدام شبّت وشابت وهي تمارس كرة القدم في الشوارع والأزقة دون أي اهتمام من أحد.
أما كرة القدم العالمية أصبحت عِلما يدرس وكل شبر في الملعب له حسابات واحتمالات معقدة يشارك فيها علم الاقتصاد والإحصاء، فكل فريق فني في الملعب يحب أن يعرف أين ومتى سيمرر كل لاعب ويدرس نسب الاستحواذ والسيطرة على الكرة ووضع برنامجا رقميا لتحليل المباريات وتقسيم الملعب على عدة مربعات وقياس عدد المرات التي يذهب لها كل لاعب ويتم اختبار ردود الفعل ومدى قدرة تحمل كل لاعب وتوازنه واستيعابه للمعلومة ومن ثم بعد كل هذا يتم وضع التشكيلة الأساسية للفريق قبل أية مباراة على حدة.
أين كرتنا من هذه الحسابات التكتيكية والدقة غير المتناهية في كل شيء، ناهيك عن ثقافة اللاعب الليبي الذي مازال يعتقد أن كرة القدم مجرد تسلية وليست مهنة يستطيع أن يضمن بها مستقبل أولاد أولاده. ولعل أغلب من يشاهد مبارياتنا المحلية اليوم يشعر بالملل والاشمئزاز، ويشفق على حال الكرة وهي تترنح بين أقدام تائهة، إلا من يعشق بهوس ناديه المفضل لدرجة أنه لا يرى هذه الرتابة في الأداء.
لا أنكر أن هناك مجهودا يبذل في وقتنا الراهن من لاعبين ومدربين ليبيين يحاولون مجاراة العالم وهناك من أشعل السيجارة وينتظر في الكرة الأرضية بأكملها أن ترجع عقودا من الزمن لأجله.