مغادرة عربية بخماسيتين واكتفاء بالمشاهدة
من افتتاح المونديال بهزيمة سعودية، إلى الخماسية البلجيكية في الشباك التونسية، مرورا بخسارتين مصرية ومغربية، حسمت الفرق العربية مشاركتها في مونديال روسيا 2018، لكن الجمهور العربي ظل يسأل عن سبب الهزيمة، بل وصل الأمر باستياء الشارع إلى الاستهزاء بكل الجمل التخديرية التي تتحدث عن هزيمة مشرفة، أو خروج مرضٍ ومكسب بمجرد الوصول إلى الكرنفال العالمي.
انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات كثيرة، كان أبرزها مقاطع الفيديو المصرية، التي تتحدث بحسرة عن طريقة اللعب غير المرضية لمنتخبها، الذي فقد مباراته الأولى أمام الأوروغواي بهدف في الدقيقة التسعين، وخسر الثانية بثلاثية أمام روسيا صاحبة الأرض، مغادراً بهدف وحيد لنجمه محمد صلاح جاء من ضربة جزاء.
سبق ذلك المنتخب السعودي الذي بدأ بأداء باهت أمام روسيا في مباراته الافتتاحية، لتنهار دفاعاته أمام الهجوم الروسي الكثيف، ويفقد المباراة بخماسية هائلة، جعلت المشجعين السعوديين في المدرجات يضحكون حزناً، ثم استعاد أنفاسه أمام الأوروغواي، لكنه فقد المباراة بهدف مقابل لا شيء.
لم يتمكن المغاربة كذلك من العبور إلى الدور الثاني بسبب خسارتين متتاليتين، الأولى بهدف عكسي أحرزه عزيز بوهدوز في مرمى منتخبه في نهاية لقائها مع إيران، ورغم محاولته الشرسة الثانية أمام البرتغال إلا أن الهدف المبكر لنجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو أعطى ختم المغادرة للمنتخب المغربي.
كان التونسيون آخر الملتحقين بركب المغادرين للمونديال بالخسارة الثانية أمام بلجيكا بخمسة أهداف، خففوها بهدفين، كما هزيمتهم الأولى أمام الإنجليز، التي انتهت بهدف تونسي وحيد من ضربة جزاء.
يبرر البعض بأن المنافسة الشرسة في المونديال، التي لم تعط معظم المنتخبات الكبيرة إلى الآن أفضلية التأهل المضمون إلى الدور الثاني، بما فيها حاملو الكؤوس الأربعة، الأرجنتين، البرازيل، ألمانيا وأسبانيا.
لكن الحديث العربي يرد ببساطة “المونديال ليس لنا”، وليس الكلام ناتجاً عن جلد للذات، أو أسى لحظي بسبب الخروج السريع، ففيما لم تحسم معظم الفرق أوراق تأهلها، لكن نادرة هي الفرق التي حسمت ورق خروجها، وللمفارقة فالأربعة العرب أبرزها.
وتتوالى الانتقادات عن أداء المنتخبات العربية، التي إما اكتفت بنجم واحد بلا أي لون تكتيكي للعب، أو الدفاع المفرط، واللعب بخوف من مجرد اسم المنتخب المناظر.
وبرز اسم المدرب التونسي نبيل معلول، الذي نال النصيب الأكبر من الانتقادات كونه المدرب العربي الوحيد، الذي وصل بمنتخب بلاده إلى المونديال وكانت الآمال عريضة حول صنعه فارقاً، لكنه استعاض عن ذلك بعيش دور “شيخ المنتخب”، الذي ركز على الدعاية الدينية لنفسه، ونسي دوره الأهم كمدرب كرة قدم.
في الوداع الأخير، لآخر العرب المغادرين للصقيع الروسي، يتعلم المتابعون العرب لكرة القدم درساً مهماً، وهي أن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة، بل صناعة من أركان عديدة، بداية من إعداد الأجيال الناشئة، وصولاً إلى أهمية التنافس الحقيقي المبني على المهارة، لا الدعاية والادعاء، وليس انتهاء بالتفكير المتكامل حول المدربين والطاقم الفني، لعل العرب يصلوا في أحد المونديالات للحديث حول الفوز والتأهل، بدلاً عن الهزيمة المشرفة والاكتفاء بالمشاهدة.