الرئاسي في “قفص الاتهام”.. العفو الدولية تصدر تقريرها “الصادم”
في تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية اليوم، بعد مضي عقد من ثورة فبراير، أكدت أن ليبيا لم تتحقق العدالة لضحايا جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فيها، بما في ذلك عمليات القتل غير المشروع، والاختفاء القسري، والتعذيب، والتهجير القسري، والاختطاف، التي ترتكبها “الميليشيات” والجماعات المسلحة.
وأشارت المنظمة، إلى أن السلطات الليبية قامت بترقية وإضفاء الشرعية على قادة “الميليشيات” المسؤولة عن الأعمال المروعة، بدلاً من ضمان إجراء المساءلة، وتقديم التعويض عن الانتهاكات التي ارتكبت منذ سقوط القذافي، وفي ظل حكمه.
وأوضحت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية ديانا الطحاوي،: “على مدى عقد من الزمن، تم التضحية بالمساءلة وتحقيق العدالة في ليبيا باسم السلام والاستقرار. ولم يتحقق أي منهما. وبدلاً من ذلك، تمتع المسؤولون عن الانتهاكات بالإفلات من العقاب؛ بل وتم دمجهم في مؤسسات الدولة، ومعاملتهم باحترام”.
وأضافت الطحاوي، “ما لم يتم تقديم المسؤولين عن الانتهاكات إلى العدالة، بدلاً من مكافأتهم بمناصب السلطة، فإن العنف والفوضى والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، والمعاناة التي لا نهاية لها للمدنيين التي اتسمت بها ليبيا ما بعد القذافي ستستمر دون توقف”.
وأضافت ديانا الطحاوي قائلة: “ندعو أطراف النزاع في ليبيا، وحكومة الوحدة القادمة، إلى ضمان عدم تعيين المشتبه في ارتكابهم جرائم بموجب القانون الدولي في مناصب يمكنهم فيها الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات، وترسيخ الإفلات من العقاب. ويجب تعليق عمل الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب في مناصب السلطة في انتظار نتائج تحقيقات مستقلة وفعالة”.
ترقية مسؤول عن الانتهاكات
المنظمة تطرقت في تقريرها، إلى أن الحكومات المتعاقبة في ليبيا دمجت العديد من “الميليشيات” تحت وزارات الدفاع أو الداخلية، أو ككيانات منفصلة مسؤولة أمام الرئاسة، وأدرجتهم في كشوف الرواتب الرسمية.
وأن المجلس الرئاسي عيّن، “زعيم ميليشيا” قوة الأمن المركزي أبو سليم، عبد الغني الكيكلي، والمعروف أيضا باسم “غنيوة”، رئيساً لكيان جديد يسمى “جهاز دعم الاستقرار”، المسؤولة مباشرة أمام الرئاسة.
وأضافت منظمة العفو الدولية، عن “عبدالغني الككلي”، “دوره الجديد، سيكون لغنيوه وجهازه سلطات واسعة وغامضة، بما في ذلك مسؤوليات إنفاذ القانون، مثل اعتقال الأفراد في قضايا “الأمن القومي”. ومع ذلك، فقد وثقت منظمة العفو الدولية جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات تحت قيادته على مدى السنوات العشر الماضية”.
وأشارت المنظمة، إلى أنها وجدت في عامي 2013 و2014، أن المعتقلين الذين تحتجزهم قوات الأمن التابعة لإمرة غنيوة، كانوا قد تعرضوا للاختطاف، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، مما أدى في بعض الحالات إلى الوفاة أثناء الاحتجاز. كما كان لدى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا نتائج مماثلة، بما في ذلك في ما يتعلّق بحالات وفاة في الحجز بسبب التعذيب؛ بينما أفاد فريق الخبراء المعني بليبيا أيضاً بوقوع الهجمات ضد المدنيين على أيدي هذه القوات.
وكشفت منظمة العفو الدولية، في تقريرها، إلى أن حكومة الوفاق هي من وفّرت بالفعل الرواتب لـ”ميليشيا غنيوة” منذ عام 2016؛ وذلك من خلال دمجها في وزارة الداخلية الخاصة بها، مما يسهل أكثر عمليات القتل غير المشروع، وعمليات الاختطاف، والتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي ضد المحتجزات.
وتابعت منظمة العفو الدولية، “ليس غنيوة وقواته في أبو سليم الوحيدين الذين يكافأون على الرغم من سجلاتهم القاتمة في مجال حقوق الإنسان، فقد تم تعيين هيثم التاجوري، الذي ترأس ميليشيا كتيبة ثوار طرابلس، المتورطة في عمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، نائباً لغنيوة في يناير 2021”.
وأضافت المنظمة الحقوقية، في تقريرها حول ليبيا، “تم دمج قوة الردع الخاصة (الردع)، بقيادة عبد الرؤوف كاره، في وزارة الداخلية في 2018، ثم نقلتها حكومة الوفاق الوطني لتكون تابعة للمجلس الرئاسي في سبتمبر 2020. وقامت منظمة العفو الدولية وهيئات أخرى، بما في ذلك الأمم المتحدة، بتوثيق تورط قوات الردع في عمليات الاختطاف، والاختفاء القسري، والتعذيب، والقتل غير المشروع، والعمل القسري، والاعتداء على الحق في حرية التعبير، واستهداف النساء وأفراد مجتمع الميم”.
جرائم ضد المهاجرين واللاجئين
وتابعت المنظمة، تقريرها، “قامت حكومة الوفاق الوطني أيضاً بترقية عماد الطرابلسي، الذي قاد ميليشيا “الأمن العام”، إلى نائب رئيس المخابرات؛ على الرغم من تورط الميليشيا في جرائم ضد المهاجرين واللاجئين، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري”.
وأشارت منظمة العفو الدولية، إلى أن الحكومات المتعاقبة في ليبيا، تقاعست عن مقاضاة أعضاء “مليشيات” تتخذ من مصراتة مقراً لها المسؤولين عن جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات ضد المدنيين مثل هجوم 2011 على مدينة تاورغاء، حيث تعرّض حوالي 40 ألف شخص للنزوح القسريً. كما عرّضت الميليشيات، التي تتخذ من مصراتة مقراً لها، سكانها لاعتقالات تعسفية واسعة النطاق، وعمليات قتل غير مشروع، وتعذيب في الحجز؛ مما أدى أحياناً إلى وفاة المحتجزين، والاختفاء القسري.
الجيش ومحمود الورفلي
وعن الجيش الوطني، فقد أوضحت المنظمة الحقوقية، أن القيادة العامة تقاعست عن اعتقال محمود الورفلي، وهو مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية لقتله 33 شخصاً؛ وبدلاً من ذلك فقد تمت ترقيته إلى مقدم في لواء الصاعقة. ولا يزال العديد من الأفراد الآخرين الذين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ضدهم أوامر اعتقال للاشتباه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، أو خضعوا لعقوبات مجلس الأمن الدولي لدورهم في الاتجار بالبشر، طلقاء أحراراً، أو حتى قاتلوا إلى جانب حكومة الوفاق الوطني أو القوات المسلحة العربية الليبية.
وتابعت المنظمة، في تقريرها، “وواصلت القوات المسلحة العربية الليبية إيواء قادة اللواء التاسع، المعروف باسم “قوات الكنيات”، على الرغم من تورطها في عمليات القتل الجماعي وإلقاء الجثث في المقابر الجماعية وعمليات التعذيب والاختطاف في مدينة ترهونة”.
ودعت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية ديانا الطحاوي، في ختام تقرير المنظمة، “يجب أن تكون المساءلة عنصراً رئيسياً في العملية السياسية في ليبيا. ويجب على جميع أطراف النزاع إزاحة أولئك المشتبه بهم بشكل معقول بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان من صفوفهم، والتعاون بشكل كامل مع بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة. كما يجب على المجتمع الدولي ضمان أن يكون لدى البعثة الموارد الكافية والدعم الإداري والوقت لاستكمال عملها”.