الدين العام في ليبيا.. الواقع وما يجب أن يكون
محمد يوسف درميش
يهدف هذا المقال إلى التعريف بالدين العام وأنواعه والإطار القانوني له مع توضيح كيفية احتساب الدين العام في ليبيا بعيدا عن التضليل وقلب الحقائق، وقد قمت بكتابة هذا المقال بلغة يسهل فهمها من الجميع بعيدا عن لغة المختصين في إدارة الأموال والاقتصاد .
أولا:- مفهوم الدين العام
الدين العام هو ما تقترضه الجهات العامة في الدولة من الغير لتمويل أعمالها ويعتبر ظاهرة عالمية مقبولة إلى حد معين وفق ضوابط معينة ولكن إذا زاد الدين عن هذا الحد وخرج عن هذه الضوابط فإنه يكون مشكلة بل قد يتفاقم الأمر ويصبح أزمة تؤدي الى آثار كارثية ومخاطر كبيرة على الاقتصاد القومي .
ثانيا :- أنواع الدين العام
تنقسم الديون التي تأخذها الدولة إلى:-
1- قروض اختيارية وقروض إجبارية
يعتبر القرض اختياريا إذا لجأت الدولة للاقتراض وتركت للأفراد الذين تقترض منهم حرية إقراضها أو عدم إقراضها .
ويعتبر القرض إجباريا عندما تنعدم فيه حرية المقرض في إقراض الدولة إذ يكون مرغما لسبب أو لآخر على إقراضها المبلغ الذي تطلبه .
2-قروض خارجية وقروض داخلية
فالقرض الداخلي هو الذي تتحصل عليه الدولة من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين مقيمين داخل إقليمها.
أما القرض الخارجي فهو الذي تتحصل عليه الدولة من دول أجنبية أو شخص طبيعي، اعتباري مقيم في الخارج، هيئة حكومية، صندوق حكومي دولي، منظمة دولية في الخارج .
3-قروض مؤبدة وقروض مؤقتة
فالقرض المؤبد هو الذي تلتزم فيه الدولة بدفع فوائد القرض دون تحديد تاريخ معين لرد أصله إلى المقرض.
أما القرض المؤقت فهو الذي يجب رد قيمة أصله في تاريخ معين وقد ينقسم هذا القرض إلى قرض قصير الأجل (كإذن الخزانة) وقروض طويلة الأجل.
4-قروض للحامل وقروض اسميه
القروض الحامل قابلة للتسويق أما القروض الاسمية فهي غير قابلة للتسويق ولا يمكن تحويلها للغير إلا باتباع إجراءات معقدة .
ثالثا :- الإطار التشريعي لإدارة الدين العام
ترتكز إدارة الدين العام إلى سياسات سليمة على صعيد الاقتصاد الكلي والقطاع المالي للدولة فهي مرتكزة على القانون المالي للدولة وقانون الميزانية الذي يحدد فيه مقدار الاقتراض لتمويل بعض بنود الميزانية .
ومن المعروف في ليبيا أن الميزانية العامة للدولة وفق للقانون المالي تصدر بقانون من الجهة التشريعية للدولة وكانت آخر ميزانية صدرت بقانون وفق القانون المالي للدولة الليبية سنة 2013م وآخر ميزانية مقفلة في الدولة الليبية سنة 2007م، مع ملاحظة أن سنة 2011 كانت سنة استثنائية وكذلك سنوات 2014 ،2015، 2016.
بعدها أصبحت تصدر ترتيبات مالية من المجلس الرئاسي بالإضافة الى موازنات وأدوات صرف من الحكومة الموازية في الشرق الليبي.
عليه ومن هذا المنطلق نطرح بعض الأسئلة على القائمين بإدارة أموال الدولة (مجلس الدولة والبرلمان).
السؤال الأول الدين العام المتراكم الآن هل هو دين محلي أو خارجي وهل معتمد في قانون الميزانية أو الترتيبات المالية؟
السؤال الثاني الدولة الليبية لم تقفل حساباتها والميزانية الختامية لها من سنة 2007 م على أي أساس تم احتساب الدين العام المعلن عنه الآن؟
وبالمختصر المفيد الميزانية العامة للدولة الليبية تصدر بقانون وفق القانون المالي للدولة، ترتيبات مالية تصدر من المجلس الرئاسي كخطة مالية سنوية وتقفل نهاية كل سنة وباستخدام أدوات التحليل المالي نستطيع معرفة أين أوجه الإنفاق والانحرافات وكذلك تحديد الدين العام وأين أنفق ومن أين مصدر تمويله في كل سنة لوحدها .
فعلى الشعب الليبي من نخب ومؤسسات مجتمع مدني بمختلف أنواعها مطالبة الجهات الحكومية بتحمل مسؤوليتها (مجلس الدولة _البرلمان ) وأن يوضح للشعب الليبي الآتي:-
1- عرض الميزانية التقديرية لكل سنة مالية وحسابات إقفالها والميزانية العمومية للدولة في كل سنة مالية .
2- يجب جدولة الدين العام بحيث يكون في كل سنة مالية لوحدها لمعرفة الرقم الحقيقي للدين في ذلك السنة بالأرقام ومدى قانونية هذا الدين وهل موجود ضمن بنود قانون الميزانية أو الترتيبات المالية كمصدر من مصادر التمويل موضح فيه جهة التمويل وأوجه إنفاق هذا الدين.
3- يجب محاسبة المسؤولين الذين قاموا بتجاوزات مالية فيها مخالفة للقانون المالي للدولة الليبية وقانون الميزانية والترتيبات المالية الذي تسبب في تراكم الدين العام في كل السنوات.