الحاجة فاطمة.. ليبية مُخلّدة بأفعالها
218TV | مراسلو 218
“الخالدون بأفعالهم لابد أن ينالوا التقدير”، هي الحاجة فاطمة هيبة أول معلمة في غدامس، وكان لها دورٌ في محو الأمية داخل المدينة، وعملت في مستشفى المدينة مترجمة كونها تتقن اللغة الفرنسية.
وقضت الحاجة فاطمة معظم عمرها الذي يناهز الثمانين عاما، في المجال التطوعي إسهاما منها في تطوير المجتمع، وتم تكريمها مرات عديدة لقاء عطائها وتفانيها في خدمة مجتمعها.
في منتصف أربعينات القرن الماضي، دخلت المدرسة الابتدائية ودرّست الصف الأول والثاني بمدرسة غدامس مع زملائها من الأطفال الذكور، وكانت هي الطالبة الوحيدة الأنثى في ذلك الوقت، وكان هذا حدثا كبيرا وتحديا للنساء بمدينة محافظة مثل مدينة غدامس.
وسافرت بعدها إلى تونس للدراسة بمعهد رادس، وقضت به عامي 1948 و1949، وكانت الدراسة فقط باللغة الفرنسية ومنها اتقنت هذه اللغة بطلاقة، ثم عادت لمدينة غدامس والتحقت بمهنة التدريس بالمدرسة الابتدائية بنات، والتي كان موقعها مدرسة تيلوان بالمدينة القديمة، وقامت بتدريس البنات لمدة 4 سنوات (1951 إلى 1955)، وكانت أول معلمة بمدينة غدامس.
رشحتها منظمة العلوم والثقافة (اليونسكو) سنة 1956 لدورة تدريبية بمدينة طرابلس لمدة 8 أشهر وذلك من أجل محو الأمية لنساء غدامس، ورجعت لمدينتها واستمرت في مهنة التدريس، وفي سنة 1957 قدمت استقالتها بعد الزواج لتتفرغ لتربية أبنائها ولكنها مارست مهام أخرى أبرزها مهنة الخياطة التي تعلمتها بدورة “اليونسكو”، وتعتبر الحاجة فاطمة أول من استعمل ماكنية الخياطة وامتهنت مهنة التفصيل بالمدينة.
وتعلمت أيضا حرفة الصناعات الجلدية والطرز على الجلود، وكذلك تعلمت كل ما يختص بحرفة صناعة سعف النخيل، مثل صناعة الأطباق الغدامسية الأصيلة، ولازالت إلى يومنا تبدع أناملها وتنسج الأكسسوارات الجميلة.
وتجيد الحاجة فاطمة العديد من اللغات ومنها الغة الفرنسية نطقا وكتابة، ووتجيد الحديث بلغة الهوسة (القبائلية الأفريقية)، علاوة عن لغتها الأصلية العربية، ولغة بيئتها وهي اللغة الغدامسية الأمازيغية.
وساعدها اتقانها للغة الفرنسية للتنقل وإرشاد السائحات الزائرات لمدينة غدامس، حيث تقوم الحاجة فاطمة بمرافقتهن وشرح أهم وأبرز المعلومات السياحية وطقوس الأعراس السائدة بالمدينة للسائحات الأجنبيات.
ومنذ القدم وإلى يومنا هذا، تعتبر الحاجة فاطمة من ضمن الرائدات في مساعدة النساء من الجنسيات الأفريقية واللاتي يردن الدخول إلى الإسلام، وهذا بالتعاون مع مكتب هيئة الأوقاف.
وتعاونت مع مستشفى غدامس منذ سنين في عملية الترجمة للنساء المريضات من الجنسية الأفريقية والمتحدثات بالفرنسية.
وتم تكريم الحاجة فاطمة من عدة مؤسسات دولية ومحلية، منها شهادة تقدير من معهد رادس بدولة تونس باعتبارها احدى الطالبات البارزات، ومنحها نادي الصمود الرياضي الثقافي الاجتماعي بمدينة غدامس درع التميز باعتبارها أول معلمة بمدينة غدامس، وكذلك تم تكريمها من جمعية الهلال الأحمر الليبي فرع غدامس لأنها ساهمت في محو الأمية وكانت مثالا للمرأة المتطوعة المعطاة، كما تم تكريمها من جمعية داج جديدن لحفظ التراث الغدامسي، ونالت وسام العطاء من فريق رواد الخير للعمل التطوعي بمدينة غدامس نظير ما قدمته للوطن عامة و لمدينة غدامس خاصة.