الجيش الليبي والمتآمرون عليه
د. جبريل العبيدي
المتآمرون على الجيش الليبي كثر، وليس فقط كبيرهم الذي جمعهم تحت الفصل السابع، الشماعة والعباءة التي استخدمت لتدمير الجيش الليبي في عام 2011، بل إن أعداء الجيش الليبي والمتآمرين عليه هم من كتبوا تلك القرارات، التي من بينها حظر التسليح للجيش الليبي، الذي يخوض حرباً ضروساً ضد الإرهاب وميليشيات الجريمة المنظمة، لأكثر من 4 أعوام، شهدت فيها البلاد حرباً مدمرة بين من يؤمن بالدولة المدنية ويحترم جغرافيا الوطن، وبين من يبحث عن دولة المرشد خارج حدود جغرافيا الوطن، ممن استأجروا عقولهم وولاءهم للجماعات الضالة كتنظيم «الإخوان» و«القاعدة» و«داعش»، الذين نشروا الرعب والقتل بالرصاص الغادر والذبح وحتى السحل والحرق.. طرق شتى أظهرت حجم الحقد والكراهية للمجتمع بل للإنسانية بمختلف معانيها.
لقد نهض الجيش الليبي من الرماد، ليغيث الشعب الليبي، الذي ابتلي بقوم راهنوا على رقابه، وليس فقط على نهب ثروته وأرضه وتزوير تاريخه، وطمس تراثه وماضيه، واستبداله بالتراث سكان كهوف تورابورا، في ظل حظر دولي على تسليحه، مما يجعل من مجلس الأمن والمنظومة الدولية مشكلة على الجيش الليبي، وليس فقط «إخوان» البنا وقطب، الذين جاء بهم إلى الحكم الحظ العاثر لليبيين، والتآمر الدولي ضمن مشروع الفوضى الخلاقة لتفتيت فضاء الشرق الأوسط إلى دويلات مجزأة، باستخدام وصناعة الفوضى، وتعميمها لتجزئة المجزأ.
كان الجيش الليبي قد تم تأسيسه في 9 أغسطس (آب) عام 1939 من قبل مجاهدين ليبيين أطلق عليه القوة العربية الليبية، كقوة وطنية لمحاربة الاحتلال الإيطالي، وفي عام 1959 أنشئت الكلية العسكرية، التي بدأت بتخريج ضباط نظاميين، وفي عام 1962 تم إنشاء القوات البحرية، وفي أغسطس 1963 تشكل السلاح الجوي الليبي، وفي سنة 1968 أنشئت وحدة للدفاع الجوي. التآمر على الجيش الليبي الذي تنوعت الأوجه فيه، ومنها محاولة استنساخ سيناريو بول بريمر في العراق وإسقاط الدولة، بدءاً بسيناريو تفكيك الجيش الليبي، وتشكيل قوى موازية ذات عقيدة مؤدلجة كتشكيلات الدروع الإخوانية، التي شكلها تنظيم «الإخوان» عندما كان في السلطة، بمعونة ضباط قطريين بمجرد سقوط الدولة في 2011، وتم تسليحها قطرياً وتركياً، لتكون قوة ضاربة بعقيدة إخوانية وليس وطنية، ضمن مشروع التنظيم الإرهابي.
مشروع تفكيك الجيش الليبي بدأ منذ زمن العقيد القذافي، الذي راهن في سنواته الأخيرة على الكتائب الأمنية الخاصة بحمايته، وأهمل الجيش، رغم أن القذافي نفسه أحد أبناء المؤسسة العسكرية، وأحد بناة هذا الجيش، من خلال الإنفاق المالي الضخم في مطلع السبعينات والثمانينات، بتطوير جميع التخصصات العسكرية البرية والجوية والبحرية، والاستخباراتية. فالقذافي الذي أغرق ليبيا بالسلاح والعتاد، حتى إنه عرض في الذكرى العاشرة لانقلاب سبتمبر (أيلول) أكثر من 4 الآلاف دبابة، وأكثر من 3 آلاف مدفع والمئات من الطائرات، التي كانت قوة ضاربة، في حينها. تم البدء في تفكيك الجيش الليبي بعد ورود تقارير بشأن وجود محاولات انقلابية داخل الجيش، التي كان يعززها وينشرها جوقة الحرس القديم في خيمة القذافي، الذين ومنذ تسللهم لخيمة القذافي، بدأوا في إبعاد أعضاء الضباط الوحدويين الأحرار، كما تسمى في حينها، فتم تهميش كبار الضباط من رفقاء السلاح للقذافي نفسه، بل منهم من كان يتقدم عليه في الرتبة العسكرية كمصطفى الخروبي وأبو بكر يونس جابر، الذي رغم تهميش دوره، فإنه فضل الوفاء والبقاء مع رفيق السلاح القذافي حتى قُتل معه، بعد تعرض موكبهم لضربات جوية من حلف «الناتو»، الذي تجاوز قرار مجلس الأمن بفرض حظر جوي إلى ضرب القوات المسلحة العربية الليبية، وتدمير جميع المعسكرات، والقواعد البحرية والجوية، مما يعني أن «الناتو» جاء ليس لوقف الماكينة العسكرية التي اتهمت، بقمع المتظاهرين في فبراير (شباط) 2011. ولم تتوقف عمليات «الناتو» إلى أن قتل كل من العقيد معمر القذافي والفريق أبو بكر يونس جابر يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.