التسوية الليبية.. بين “غموض الغردقة” و “وضوح بوزنيقة”
تقرير/218
تواصل الأطراف العسكرية الليبية الممثلة للقيادة العامة في مقابل الممثلة لقوات حكومة الوفاق – في منتجع مدينة الغردقة المصرية على البحر الأحمر مباحثاتها على مدار الأيام الماضية، بإشراف من البعثة الأممية للدعم في ليبيا، دون أن ترشح أية معلومات لتقدم في هذه المفاوضات ما يشي بالكثير من الغموض حولها وما ستستفر عنه مع أن البعثة أثنت في وقت سابق على سير الاجتماعات وعلى الرعاية المصرية لها .
يبدو للجميع أن شهر أكتوبر يزدحم باللقاءات الدولية والليبية من أجل التسوية والوصول بالملف الليبي إلى توافق منتظر وفيما يلف الغموض مباحثات الغردقة تبدو اجتماعات “بوزنيقة” المغربية أكثر وضوحاً رغم ما اكتنفها من خلاف كاد يصل بالمباحثات إلى طريق مسدود بعد أن رفع مجلس الدولة من تمثيله من 5 إلى 13 فيما انفرجت هذه الأزمة بعد أن رجع الأعضاء الخمسة .
تسير مباحثات “بوزنيقة” على خطى مخرجات مؤتمر برلين وتأخذ بعين الاعتبار بعض نقاط إعلان القاهرة وإن نزعت إلى مبدأ تقاسم المناصب السيادية وفي المقابل تأتي بعض التخوفات من الغردقة المصرية فيما يتعلق بالمسار العسكري الذي تستحيل معه تقاسمات المناصب لاختلاف طبيعة الجانب العسكري الذي يخضع لتراتبيات مختلفة تتعلق بالملاك العسكري والنظم المهنية المتبعة في كل جيوش العالم ، مع ظهور تسريباتٍ غير مؤكدة وحديث عن تشكيل مجلس عسكري، مع وجود العقبة الكئداء بشأن من يرأس المجلس ومنصب القائد الأعلى والذي يفترض أن تكون علاقته بالسياسي فالمعمول به في القوانين الدولية أن يضطلع به رأس الدولة الرئيس أو رئيس الوزراء أو البرلمان وتظل هذه المسألة أبرز نقاط الخلاف والاختلاف.
يقول العميد طيار متقاعد والخبير العسكري الليبي، محمد مهني-حسب نص حديثه لوكالة “سبوتنيك” إنه بحكم خبرته العسكرية وعمله في قوات سلاح الجو الليبي منذ أكتوبر 1969 ومعرفته بكل الضباط في القوات المسلحة، فإن ( الغرب -“ويقصد معسكر الوفاق”- لا يريد جيشاً يقوده عسكريون محترفون، بل يريد تمييع ذلك في كيانات يسيطر عليها الإخوان وقادة “المليشيات”)-حسب وصفه- مضيفاً (إنهم لا يعترفون بالتراتبية الأقدمية والتسلسل العسكري، وأن هذا الأمر في الشرق –”القيادة العامة”- غير مقبول مطلقا) .
ويخلص “مهني” في حديثه إلى رأي تشاؤمي معرباً عن عدم ثقته في نجاح مباحثات الغردقة بقوله “النسبة الأكبر هي احتمال عدم نجاح المسار العسكري”، فيما على جانب “معسكر الوفاق” ، يرى الخبير العسكري، مفتاح حمزة، المساند لحكومة الوفاق، إنه في ظل القيادة العامة الحالية للجيش الوطني لا يمكن أن تتوحد المؤسسة العسكرية ولا ينجح مقترح المجلس العسكري.
ويتفق مراقبون للمشهد الليبي أن كل هذه التطورات تحققت بعد التسارع الكبير للأحداث على جميع المستويات في الأربعة أشهر الأخيرة من إعلان القيادة العامة لسحب قواتها من غرب البلاد إلى خط سرت الجفرة مروراً بفتح النفط واتفقا القيادة العامة مع النائب معيتيق وعودة المسار التفاوضي في المغرب ومصر وقريباً مؤتمر جنيف المرتقب.. فيما وضوح “بوزنيقة” لا يعني قرب التوافق السياسي ولا غموض الغردقة يحيل بالضرورة لعرقلة المسار العسكري وما على الليبيين إلا انتظار ما تسفر عنه اللقاءات الثلاثة قبل انقضاء أكتوبر الجاري.