التدخل الروسي في سوريا.. أنقذ النظام ورهن البلاد
تحت غطاء مكافحة الإرهاب، ومواجهة تطرف داعش، أعلنت روسيا التدخل في سوريا نهاية سبتمبر 2015، بدعوة صريحة من دمشق، ومباركة إيران التي سبقتها بإرسال الدعم العسكري لحماية النظام من السقوط أمام المعارضة التي كانت وقتها تسيطر على أكثر من 60 في المئة من الأرض، ليقلب ذلك التدخل الروسي الطاولة على المعارضة، ويُرجح كفة النظام من جديد، بعد أن شن الطيران الروسي غارات لم تكن ضد داعش، بقدر ما استهدفت فصائل الجيش الحر المعارض.
وزاد تدخل روسيا من نفوذها في الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، ورغم تمسكها بمبدأ مناهضة التدخل، ومعارضتها وتشكيكها في تدخلات أميركا في أفغانستان والعراق وليبيا، استطاعت أن تخلق توازناً مقابل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة بأقل التكاليف، وجمعت سياستها بين الاتساق الدبلوماسي القوي والعمل العسكري الوحشي الذي لا يرحم مع جرعة كبيرة من المعلومات المضللة ما دفع خصومها لتأييد اقتراحها بـ«خفض التصعيد»، وهي استراتيجية ينظر إليها على نطاق واسع على أنها غطاء لتقسيم وكسر شوكة جماعات المعارضة السورية.
المكاسب الروسية من تدخلها في سوريا تتضح جلياً من خلال التوسعة الإضافية على قاعدتي «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، والاتفاقات المبرمة للبقاء العسكري 49 سنة، وتعيين مبعوث خاص للرئيس فلاديمير بوتين مخول بتوقيع أي اتفاقية مع الحكومة السورية، وليس آخرا زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي منذ فترة إلى دمشق وتوقيع العديد من عقود المشاريع الاقتصادية، وتدافع روسيا عن بقاء الرئيس بشار الأسد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وإصلاحات دستورية، خلافاً لما نص عليه القرار 2254 الذي يشدد على تشكيل هيئة حكم انتقالية تؤسس للتسوية السياسية.
رتبت فاتورة التدخل العسكري الروسي في سوريا أعباء مالية كبيرة على دولة متواضعة القدرات الاقتصادية، ما دفع موسكو لممارسة ضغوط على النظام لتأمين الأموال، الأمر الذي جعله يضغط على بعض واجهاته من أثرياء الحرب لتأمين الأموال للخزينة الروسية، ولتبييض صفحته وإعادة الترويج لنفسه، تزامناً مع التحضير لاجتماع اللجنة الدستورية.