“البازين” لا يتنازل عن عرشه رغم “دبلوماسية المعدة”
218TV.net خاص
أحلام المهدي
بعيدا عن السّياسة، تجمعنا المكرونة بالإيطاليين، ونشترك معهم في “الرّشدة” أيضا، وهي نوع من “الباستا” يدوية الصنع تُحَضّر بالطريقة ذاتها تقريبا في الجنوب الإيطالي، ونشترك مع جيراننا في شمال أفريقيا في “الكُسكسي” الذي تعده كل الشعوب المغاربية ولكلٍّ منها طريقته وأسلوبه في ذلك، أما “البازين” بهيئته الحالية والتي لم تمتد إليها أصابع الزمن، ولم تعبث بها حداثة المطبخ فيظل علامة الجودة الليبية، لا يُعِدّه أحدٌ كما نفعل، ولن يأكله بشراهةٍ ومُتعةٍ شديدتين كما نفعل.
لا يمكن الحديث عن أصل التّسمية هنا، لأن آراء كثيرة جاءت في ذلك، كما لا يمكن تبني أحدها على حساب الآخر، بينما تشير أوساط إلى هذا الطبق الليبي الأصيل لارتباطه في أذهاننا بأصابع الجدّات الماهرة في صنع كتلته “مُدبّبة الرأس”، وتفنّنهن في ابتكار أنواع مختلفة من الحساء تناسب كل الأذواق و”الجيوب”.
ظل “البازين” راعي المناسبات الليبية، تعده النساء في الأفراح كما في المآتم، ويحضر بقوة في مناسباتنا الخاصة وفي أيام الجُمعة، ليكون سببا إضافيا لاجتماع العائلة، لأن المتعارف عليه في المجتمع الليبي هو أن البازين “يبّي اليدين”، أي أن أحدنا لا يأكله بمفرده، رغم الطريقة التي قد لا تروق للبعض في أكله،من حيث اجتماع كل الأيدي في الصحن ذاته، وعملها على كتلة العجين ذاتها، وفي بحيرة الحساء ذاتها.
ورغم أن كل المدن الليبية تعرف البازين، إلا أن هناك تفاوتٌ في سطوة وجوده على الموائد، فقد يتربع على عرش الأكل في بعض المدن، بينما يتنازل عن موقعه لصالح أكلة أخرى في مدينة أو منطقة أخرى، كذلك فإن طريقة إعداده تختلف من منطقة ليبية لأخرى، لكن الجميع يتفق على أهميته وخصوصيته التي لا يملكها غيره.
كم دولة دولة عربية تحد ليبيا جغرافيا؟
وفي رمضان تحديدا هناك من يُعِدّه كل ليلة من ليالي الشهر، وذلك لأسباب صحية تتعلق بمكوّنه الرئيسي وهو دقيق الشعير، وبسبب “اللمّة” أيضا والتي تصبح أيسر في رمضان دون غيره من شهور السنة، ليبقى البازين رمزا للهوية لا يختلف عليه ليبيّان.