الأزمة الليبية … رئيس مجلس النواب
سالم الهمالي
ازعم ان أكثر المتشائمين لم يخطر بباله التعرجات التي انتحتها القضية الليبية ولا المدة الطويلة التي قضتها في متاهات العدم، إلا ان المقابلة الاخيرة التي اجرتها قناة 218 مع المستشار عقيلة صالح (رئيس مجلس النواب) كشفت الغطاء عن الكثير مما كنت أجهله، وأظهرت ليس فقط مقدار بعده عن الواقع ومعيشته في الاوهام، بل ان هذا الواقع البائس سوف يستمر الى مدة طويلة لا يعلم إلا الله مداها.
عمليا، ليبيا منقسمة الى طرفين متنازعين ومتصارعين على الثروة والسلطة والقوة، دعك من الكلام المنمق عن الدستور والمؤسسات والحرية والعدالة والتوزيع العادل للثروة – كل الأشياء التي يبحث عنها المواطن – فالواقع يشير بلا ادنى شك ان الطبقة المسيطرة على مقاليد الأمور وخزائن الدولة تنعم في تلك الثروة المهدرة، سواء كان ذلك مجلس النواب او الدولة او الرياسي.
مكمن الداء وبيت القصيد في الازمة الليبية هو ان كلا الطرفان (لا ولم ولن) يقبل بوجود الآخر حتى لو كانت نتيجة ذلك دمار وخراب ليبيا وبؤس اهلها. الوضع القائم وفر لهم ثروة يستمتعون بها، في المعيشة والسفر في ليبيا وخارجها، وقنوات إعلامية يظهرون من خلالها على الناس وكانهم يسعون الليل والنهار لحل الازمة. بعد ثمانية أعوام من بداية الازمة الليبية وأربع سنوات من انتخاب جسم ليحل محل جسم آخر لم يفشل فقط بل كان سببا مباشرا للكثير مما نعانيه الآن، وصلنا الى نتيجة مريرة، وهي:
ان البديل يماثل فشل من سبقه، بل تعداه، اذ ان انتخابه كان فقط لمعالجة الازمة، فإذ به يزيد من طولها وعرضها وعمقها.
رئيس ينكر العبث (العكوزي) الذي يشهد به كل العالم والأشرطة توثقه، ولا يستكثر المئة مليون على مجلس فيه اقل من خمسين لا يجتمعون الا عندما يبيض الديك، ويجلس ولا يعترف مع رئيس سلطة معترف به من الامم المتحدة وباقي دول العالم بما فيها مصر التي يشتكي من اضطراره الى السفر اليها اثني عشرة مرة بالسيارة، ويعلم الله كم مرة بالطائرة، ويفتخر انه القائد الأعلى للجيش وكانه لم يسمع عما يفعل المرتزقة في وسط ليبيا ولا التنظيمات المتطرفة في جبال الهاروج.
لن اساله عن عدد زياراته للجنوب، فنحن نعرف ان مصر (الشقيقة) زاراها بالسيارة فقط اطناشن مرة، ولكن اساله عن بنغازي الجريحة فهي على مرمى حجر ويمكن ان شدّ العزم ان يصلها ماشيا او حتى راكبا لبعير.
يا سيد عقيلة …
انا متأسف على حال بلادي، والشقاء الذي يعيشه اهلها، وعندي الكثير مما أقوله في السراج وغيره ممن هم اقرب إليك منه، لكن اقول: ما كان هذا العشم!!