اعتقدت لوهلة : ليبيا قادرة ان تصالح نفسها
ننشر هنا – ضمن سلسلة بدأناها – شهادة السفير البريطاني الاسبق في ليبيا السير دومينيك إسكويث الذي تسلم مهامه في نوفمبر 2011 مباشرة عقب انتهاء حرب التحرير الليبية. وقد ادلى إسكويث بشهادته امام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني وذلك ضمن مراجعات المجلس لسياسة بلاده في ليبيا كما هو التقليد في البلدان العريقة ديمقراطيا ..مايرد في الشهادة طبعا يخص السفير واللجنة وقد التزمنا بنقل ما قيل من اسئلة وردود كما هي …
ترجمة: فرج عبدالسلام وسارة غرايبة
لجنة الشؤون الخارجية: السيد بارون (الرئيس)، آن كلايد، مايك غايبس، ستيفن غيثنس، مارك هندريك، آدم هولواي، دانيال كوازنسكي، ياسمين قريشي، أندرو روزنديل، نظيم زهاوي.
الشاهد: السير دومينيك إسكويث ، سفير بريطانيا السابق في ليبيا ورئيس المجلس التجاري البريطاني الليبي.
سؤال 87 الرئيس: أهلا بك في جلسة اللجنة الثانية في تحقيقاتنا حول "ليبيا: فحص التدخل، وأسباب الانهيار، وخيارات، وخيارات السياسة الخارجية البريطانية" وباعتبارك سفيرا للمملكة المتحدة بعيد الحرب الأهلية في 2011، كنت في موقع يمكنك من رؤية محاولا إعادة الإعمار، وباعتبار مركزك الحالي كرئيس للمجلس التجاري البريطاني الليبي، فما تزال في موقع يمكنك من إبداء رأيك حول ما يجري حاليا في البلاد والمحاولات المتواصلة لتشكيل حكومة وفاق طني، ونحن نتطلع إلى ما تود قوله في هذا الشأن.
سؤال 88 الرئيس: لن نكون مخطئين إذا ما قلنا أن الأمور لم تسر كما ينبغي فيما يتعلق بتدخلنا في ليبيا. شاهدنا حربا أهلية شعواء، ونشاهد معاناة الناس أنفسهم. بينما الجهاديون وغيرهم من الإرهابيين يستغلون الموقف. وحتى أننا رأينا الحكومة (البرلمان) المنتخب ديمقراطيا ــ حتى ولو كان عدد المشاركين 18% ـ يتخذ له ملجئا ويعقد جلساته في عبارة شحن يونانية خارج طبرق. ليست هذه بنهاية مثالية بأي نوع من الخيال.
أفاد شهود سابقون بانعدام التخطيط والفهم الصحيح للقوى الفاعلة على الأرض. وقد يفاجئُك أن هناك أعضاء من اللجنة، ومؤيدين كثيرا للخارجية البريطانية، يرون أن التخفيض في ميزانيتها غير مناسب، لكن هناك قناعة عامة أن الخارجية كان فهمها قاصرا في هذه الحالة، وانعدمت لديها الخبرة والفهم لمآل الصراع الليبي؟ هل تعتقد بأنه كان هناك قصور في فهم الحالة الليبية، وللقوى على الأرض؟ وإلى أي مدى كان الفشل في التخطيط المفصل ناتجا عن عدم المعرفة؟
السفير: هذه أسئلة كبيرة، وسأحاول الإجابة قدر الإمكان.
بالنسبة لقصور المعرفة، مع الأخذ بالاعتبار الماضي القريب ـ 40 عاما من حكم القذافي ـ أتخيلُ أنه كانت هناك صعوبة في فهم البلد بالنظر إلى حالة القمع والاستبداد، ومراقبة التحركات، وصعوبة التواصل مع الناس، وعليه فإن قاعدة البيانات المعرفية فيما يتعلق بالناس، والأشخاص الفاعلين، والتركيب القبلي ــ أي قاعدة البيانات الحديثة وليست المبنية على معرفة تاريخيةـ قد تكون أقل مما يجب.
لقد واجهتُ هذا الأمر في العراق، ومن خلال خدمتي في الخارجية ــ هناك هذا الافتراض الذي يمكن تفهمه، بأن المعرفة الجيدة تُترجم مباشرة إلى تقييم وتخطيط دقيقين. هذا ليس صحيحا وعلينا القبول بهذه الحقيقة. في الأسبوع الماضي شاهدنا الكثير من التقييم والتوقعات لنتيجة الانتخابات (العمال) والتي أثبتت خطؤها . هذا العلم غير مثالي، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بمعطيات جديدة، كما في حالة ليبيا، من الخارج كما من الداخل. ـ فالناس لم يكونوا أبدا جزءا من المنظومة الحاكمة، وبالتالي كان يصعُب تقييمهم من قبل من سبقوني. نعم ، أوافق، أن هناك قصورا في المعرفة الشاملة لما يجري على الأرض في جميع المجالات. وهل سيكون أداؤنا أفضل لو كان لدينا معرفة أكثر؟ لا أعرف. ولستٌ متأكدا من هذه النظرية.
الجزء الثاني من سؤالك يتعلق بالتخطيط. ولابد أن أقدم لما سأقول بذكر نقطة مهمة. وهي أنني بدأت عملي في ليبيا في نوفمبر 2011، وكنت قبل ذلك في خضم ثورة أخرى في بلد مجاور، وبالتالي فقد استقيت معلوماتي حول ليبيا من أشخاص تحدثت إليهم قبل استلام مهمتي. وقد تشكل لدي انطباع قوي بوجود تخطيط معمق من قبل (شعبة الاستقرار) في حكومتنا، ومن الأمم المتحدة ، رغم أنه يجب الشك في حياديته بالنظر إلى النظام التي تجري مواجهته. بالفعل، وحتى في القاهرة التي كنت أعمل فيها، عقد مؤتمر كبير بإشراف الأمم المتحدة في النصف الثاني من يونيو 2011 وتطرق إلى نحو سبع نقاط يتم التركيز عليها في ليبيا بعد سقوط القذافي. وهذا يبيّن وجود تخطيط.
أعتقد أنه من الإنصاف القول أن أحد الدروس التي تعلمناها من العراق، أننا لا يجب أن نصل إلى مرحلة كنا نسميها في العراق (المرحلة الرابعة) أي مرحلة ما بعد النصر العسكري، من دون فهم مناسب للتحديات المقبلة، ونوع من المحاولة لوضع خطط للتعامل مع هذه التحديات. وسأكون سعيدا لاحقا لشرح برنامج العمل الطويل نسبيا الذي وجدته عندما استلمتُ منصبي.
سؤال 89: سأعود بك إلى ما قلت حول التخطيط. أقررتَ بوجوده، ومع ذلك من المؤكد والواضح أن شهودا سابقين يؤكدون عدم وجود فهم لما يحدث على الأرض، وبالأخص لما سيحدث بعد الاستخدام الفعلي للقوة، فكيف تفسر هذا التناقض؟ إذا ما وُجد التخطيط، مع انعدام الفهم لمجريات الأمور على الأرض، فهذا مؤشر على أنه ربما لا توجد الخبرة المعمقة المطلوبة لمثل هذه العملية في الخارجية البريطانية.
السفير: كان هناك جدل في الأوساط الرسمية والأكاديمية حول التداخل بين هذه العناصر: انعدام القدرة الطبيعي الناتج في بلد بعد أربعين عاما من حكم القذافي.، والعلاقة من مناطق جغرافية، وبين القبائل، وبدرجة أقل المد الديني، والإسلامي، والقضية الإثنية المتعلقة بالتبو والطوارق، وبعض الإرث التاريخي للفدرالية.
كان هناك تصوّر لهذه التحديات، ولكن حسب رأيي، ما لم تكن فاعلا وعلى اتصال بما يجري على الأرض، فليس هناك ولا يمكن أن يكون فهمٌ مناسب لتأثير هذه التحديات فيما يخص تنفيذ أية خطط أو مشاريع رأيناها مناسبة، أو كيف نتصرف حيال المشاكل الحقيقة التي طرأت حينذاك، من قبيل: التداخل في الصلاحيات بين المجلس الوطني الانتقالي والحكومة الانتقالية حيث ظهرت المسألة الدستورية الشائكة عندما ضمن الانتقالي لنفسه دستوريا السلطة العليا في البلاد، بينما حاولت السلطة التنفيذية القيام بعملها وتنفيذ السياسات.
سؤال 90 الرئيس: سؤال لوجيستي. كم عدد طاقم السفارة؟
السفير: من 30 إلى 40 شخصا، وهناك موظفون من جهات مختلفة…الخارجية، ووزارة الدفاع، والتجارة والاستثمار، وهناك عدد من المقاولين، وشركة أمنية خاصة.
سؤال91 الرئيس: كان لبريطانيا 5 سفراء في ليبيا منذ 2010، ألا ترى أن هذا كثير؟
السفير: نعم، وكان يمكنني البقاء أطول مما فعلت، ولكن لي أسبابي التي لن أشغل بها اللجنة. وأعتقد أنه كان علينا أخذ العبرة من العراق، فقد كنت آخر سفير لمدة عام في العراق، وأنا سعيد لأن خلَفي بقي لفترة أطول مني، وإذا ما أريد لسفير أن يعمل بكفاءة وكثافة كاملة فلابد أن يبقى لفترة أطول.
سؤال 94 الرئيس: فهمت من حديثك أنه لو كان تمويل الخارجية قد تم بصورة أكثر، لربما كانت لدينا صورة أكثر وضوحا حول عواقب تدخلنا. ما رأيك؟
السفير: لا أختلف مع هذا الرأي، ولكن لا أريد أن يؤخذ انطباع أنه لهذا السبب لم يتحقق قيام الدولة في ليبيا كما كان مؤملا.
سؤال 93 آن كلايد: آخر مرة التقيتك فيها كانت في العراق، وأتساءل إن بإمكانك المقارنة بين التخطيط للعراق ولليبيا، وبالأخص بما أن إدارة التنمية الدولية تواجدت في ليبيا كما تواجدت في العراق، فهل كانت هناك صعوبة في تواجد إدارتين في كل من ليبيا والعراق؟ وكل كنتم على دراية بمسؤولياتكم، أم أن هناك تداخل إلى الدرجة التي لم تعودوا تفرقون بين الاثنين؟
السفير: الفارق الرئيس بين العراق وليبيا أن الأخير سُلمت إلى الأمم المتحدة لإدارتها، بينما بقي العراق تحت الهيمنة الأميركية، وهو ما دعمناه. هذا القرار بإعطاء الأمم المتحدة اليد الطولى لتنسيق المساعدة الدولية جلب معه، حسب رأيي، بعض الصعوبات فيما يتعلق بوضع الإدارة اللبيبة، ومدى قدرتها على تحديد أسبقياتها ومدى حاجتها للمساعدة. أعتقد أنها كانت بحاجة إلى
أما بالنسبة للتنسيق بين إدارات الحكومة المختلفة، فلم يتعلق الأمر بإدارة التنمية الدولية والخارجية فحسب، وإنما تعداه إلى مجال إدارة الأعمال، وإدارة التجارة والتنمية، ووزارة الدفاع، والمقاولين الأمنيين، وللأسف فجميعهم ممولون من قبل وزارة الدفاع، وإدارة التجارة والتنمية.
وحسب رأيي لم يكن هناك منافسة على الأرض ـ على الأقل في عهدي ـ ولا يمكنني الحديث عن الفترة اللاحقة لي. وهنا في لندن، كانت هناك حدود فصل بين الإدارات المختلفة، ولكن على الأرض كان عملي هو لضمُ العناصر المختلفة معا، بحيث تكون العملية متناسقة، بحيث أن ما كنا نقوم به في منطقة معينة، مثل تقديم الإرشاد للشرطة، لا يتعارض مع ما يقوم به آخرون في بريطانيا، أو أن يتقاطع مع ما قد نقوم به في مسألة العدالة الانتقالية، أو متابعة المعتقلين وقضايا حقوق الإنسان. وهذه هي الطريقة التي كانت تدار بها السفارة تحت قيادتي: التأكد من وجود تعاون والحاجة لهذا التعاون تكون واضحة، وان يكون هناك وضوح تام بما يفعله الآخرون. وللإجابة على سؤالك فلم أشعر وأنا في موقعي بصعوبة في الاستفادة من خبرات الأطراف المختلفة ولا في ربطهم للعمل سوية.
سؤال 94 ياسمين قريشي: عندما بدأت مهمتك في نوفمبر 2011، هل كنت متفائلا بمستقبل ليبيا؟
السفير: نعم، فعدد السكان قليل، ولديهم الكثير من المال، ولا يوجد أي نزاع طائفي، والعداوة بين الأطراف المختلفة ليست كمثيلتها في العراق، وكان التركيز على القيام بشيء ما ــ تجنب نوع من الشلل ـ أقوى مما كان عليه في مصر بعد ثورتها، ولهذا كانت لدينا أسباب واضحة للتفاؤل. كما كان هناك أمل في أن تتطور حركة العمل والتجارة، وهناك أيضا، والفضل يعود لبريطانيا، حركة مجتمع مدني نشطة، أعطت الكثيرين أملا وسببا للشعور بالتفاؤل.
وأتذكر أنني لاحظت في إحدى رسائلي للوطن أنه بعد نحو خمس وثلاثين سنة من العمل في الشرق الأوسط اعتقدت لوهلة أنني رأيت في ليبيا ولأول مرة بلدا عرفت كيف تتصالح مع نفسها وأن تسامح. كان ذلك أمرا مؤكدا في نوفمبر وديسمبر: كان هناك مدٌّ قوي، والذي يمكن القول أنه استمر حتى الذكرى الأولى للثورة حيث كانت هناك الرغبة في السير قدما، لكن للأسف هناك الكثير من التحديات في الأفق… كان هذا هو الجانب المتفائل، ومع ذلك لم نكن بسيطين وأغرار. كنا نعرف أن مصدر التحدي هو محتوى إرث فترة القذافي المتعلق بتردي القدرة الإدارية، وعامل انعدام الثقة بين الأطراف.
سؤال 95 ياسمين قرشي: هلا أعطيتنا مثلا واضحا عن القلق حيال التحديات؟ هل نتحدث هنا عن تحديات أمنية، أم الخوف من اقتتال داخلي بين جماعات مختلفة؟
السفير: سأحدد هذه التحديات، وهناك قائمة طويلة منها. وأبدأ بتقسيمها إلى فئتين مختلفتين. المؤسساتية والعملية. بالنسبة للأولى وكما أشرت سابقا هناك سؤال السلطة. هل سلطة اتخاذ القرار من صلاحية المجلس الانتقالي أو من مجلس الوزراء؟ وكانت هذه المسألة تعذبنا دائما، وتحير المجتمع الدولي في محاولاتنا لإحداث تقدم.
بالتأكيد كان هناك سؤال الطائفية (ليست الدينية) وفراغ السلطة في المناطق المحررة. بالطبع، كان القذافي موجودا حتى شهر أكتوبر، وكان هناك قلق بسبب ذلك. كان هناك ضغط لتشكيل حكومة وحدة وطنية بسرعة، وهذه الحكومة ستأخذ مكان المكتب التنفيذي الذي شكله المجلس، وتقوم بوضع حلول لإشكالية توازن المصالح. كان هناك قلق كبير حول المقدرة الإدارية للحكومة، وهناك توازن وارتباك محتوم في العلاقة بين الليبيين في الداخل وبين من أتوا من الخارج. نعم، أنت بحاجة إلى الخبرة من الخارج، ولكنهم أتوا للبلاد محملين بمشاكلهم. وهناك أيضا….
سؤال96 ياسمين قرشي: إن فهمتك بشكل صحيح، فيبدو أن كانت هناك قضايا تتعلق بالحوكمة الصحيحة، والاستقرار، ومحاولة لملمة شمل أطراف مختلفة.
السفير: كان هناك سؤال رئيس حول كيفية بناء إجماع وطني.
سؤال97 ياسمين قرشي: قلت أيضا إن لديك أسبابا للشعور بالتفاؤل، مثل انعدام وجود الطائفية، أو التطرف الديني. لا أعرف إن كنت قد تابعت جلسات اجتماع لجنتنا، عندما وجهنا للخبراء هذا السؤال: عندما بدأنا تدخلنا في ليبيا، جرى إبلاغنا أنه حدث بسبب الخوف على القتل المحتوم للأبرياء في بنغازي. وكانت إجابة الخبراء بالإجماع على السؤال بعدم وجود أساس دقيق لهذا الرأي.
السفير: فوجئت عند قراءتي لهذا الموضوع، وقرأته بعناية. وسأقول عدة أمور حول أقوال شهودكم السابقين. أنا أختلف معهم. أولا، إن من يقرر عدم تصديق تهديدات القذافي هو شخص بالغ الجرأة، لأن التصرف المتوازن ليس من أولوياته، وزيادة على ذلك فما حدث على جانبيه في تونس ومصر، لابد وأنه سيطر على تفكيره من عواقب تركه للتمرد الداخلي يخرج عن السيطرة. ولهذين السببين فقط ستراودني الشكوك حول الحكم بأن القذافي إنما كان يطلق تهديدات جوفاء.
النقطة الثالثة حول بنغازي هي أنني كنت أراجع معلوماتي اليوم مع أحد الليبيين، وذكرني بأن نحو 60% من سكان بنغازي غادروها خوفا من التهديد، وبالتأكيد أنني تحدثت مع السفير الأميركي حين كيرتز، الذي كان قبل كريس ستيفنس. كان سفيرا قبل الثورة أيضا، ولم يكن لديه أدنى شك بوجود تهديد يجب أخذه بجدية. وهذه رؤيتي حول الموضوع.
سؤال98 ياسمين قرشي: عندما استمعنا إلى مجموعات مختلفة من الخبراء في مرات سابقة. وجهنا هذا السؤال بالتحديد. المثير أنهم قالوا أن أسلوب تحركات القذافي في ليبيا أنه كان سيلاحق من انخرطوا في النزاع المسلح ضد الناس ــ وحتى أنه بعث أبناءه إلى مناطق مختلفة ــ لكنه في الواقع لم يستهدف المدنيين، وأقصد الذين لم ينخرطوا في الصراع المسلح. هذا أهم ما قالوه، وقد جعلني هذا أفكر في أننا وعند طرح الموضوع للنقاش في البرلمان في ذلك الوقت، بالتأكيد كانت لي تحفظاتي حيال التدخل.
السفير: عندما كنت في القاهرة، وأعترف أنها بعيدة لكن لم توجد ذرة شك لدي المحيطين بي، ــ مصريين وغيرهم ـ بوجود تهديد حقيقي، ويشمل هذا الجامعة العربية.
سؤال99 دانيال كاوزينسكي: في إجابتك استخدمت تعبير "الإجماع الوطني" أيُّ دورٍ، إذا ما وُجد أصلا، يمكن أن يلعبه ولي العهد محمد كملك دستوري، في تحقيق الإجماع الوطني في ليبيا.
السفير: كما تعرف، سيكون هناك رؤى مختلفة من ليبيين مختلفين حيال هذا الموضوع. أنا مترددٌ في تحديد دور لأي شخص ، أي ليبي، من خارج ليبيا. لكن سأجازف بقول: إن لم يتم إنقاذ الحوار السياسي الحالي، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قابل للتنفيذ، وإذا ما تدهورت البلاد إلى المزيد من العنف، فمن المنطق الافتراض بأن موقف من يدعون إلى الفدرالية، وتقسيم البلاد، أو إلى وجود شخص عسكري قوي، سيزداد قوة ورسوخا.
كان هذا بالضبط هو الشعور العام في بنغازي يوم الجمعة، بل حتى قبل ذلك، ولكن على الأخص بعد أن ضربت الصواريخ تلك التظاهرة، عندها جعل شعور الإحباط من العملية السياسية يزداد عدة درجات، وفي هذا السياق أفترض أن هناك الكثيرون ممن سيقولون: "انتظروا لحظة قبل السير في طريق الفيدرالية أو البحث عن قائد عسكري قوي، لنذهب في اتجاه آخر قد يحقق لنا هدفين. أولها البحث عن شخص يحل مشكلة القيادة السياسية للبلاد ويحدد الاتجاه، والذي بإمكانه أن يرقى فوق الانقسام السياسي، ويحاول توحيد البلاد." لا أعتقد أنه سيكون مستحيلا قيام الأمير بهذا الدور، لكنها مهمة كبيرة.
سؤال100 ستيفن غيثنز: عندما كنت سفيرا بين عامي 2011 و 2012، هلا أخبرتنا في عجالة عن دور الأمم المتحدة؟ وعن رؤيتك وتقييمك لفاعلية الأمم المتحدة في تنسيق الجهود الدولية لإعادة إعمار البلاد؟
السفير: كان دورها قويا في بعض المجالات، وبالأخص في الانتخابات، وبغض النظر عن القول بأننا استعجلنا الذهاب للانتخابات، فإن المنظمة قامت بعمل جيد لتنظيمها، ومع ذلك، جاء دورها منطلقا من فكرة أن المساعدة الدولية بحاجة للاستجابة للقيادة الليبية، وبالنظر لحالة دولة ليبيا ومقدرتها على الإدارة بعد القذافي، وبصراحة، فليس بالضرورة أن يشير تعبير القيادة الليبية، بأنها قيادة حكيمة. كان هذا الأمر موضوع حديث بيني وبين رئيس بعثة الأمم المتحد للدعم في ليبيا UNSMIL حول أفضل طريقة تتبعها الأمم المتحدة لمساعدة الحكومة الانتقالية، في القيام بما عليها القيام به. أي إنجاز الأعمال.
في نظري أن الأمم المتحدة كان يمكن أن تكون أكثر فائدة لو أنها وصّفت بدقة أكثر أسبقيات الحكومة الليبية، أو أنها ساعدتها في التعرف على تلك الأسبقيات، ثم تتصل بالمجتمع الدولي وتضغط عليه للحصول على المساعدة التي تفيد الحكومة الليبية في القيام بعملها، وبدلا من الوضع الذي أعتقد أن البعثة كانت مرتاحة معه وهو، "سنستوعب الموقف، ثم ننتظر ونسمع لما تريده الحكومة الليبية، ومن ثم نتصرف." أما الجملة التي سمعتها مرات ومرات خلال الشهر الأول والثاني من عمر الحكومة الانتقالية فكانت: "نحتاجُ للمساعدة في معرفة نوع المساعدة التي نحتاجها." وكنت أسمع تلك الجملة في مجالس خاصة. كان هناك موقف عام، وهو أكثر وطنية بقليل، وإن كنت أعتقد أنه يدخل في باب التمني. كان علينا نحن والمجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة الاستجابة لهذا الموقف.
سؤال 101 ستيفن غيثنز: أحس بنبرة نقد خفيفة ــ فتلك كانت ظروف صعبة ــ للأمم المتحدة، فما نوع الدعم الذي قدمته بريطانيا لمشروع إعادة الإعمار الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة؟ وبالتحديد عندما تسمع شيئا مثل: نحاج إلى مساعدة في معرفة نوع المساعدة التي نحتاج إليها." فهل أجرت المملكة المتحدة أي تقييم لهذا، سواء بالتعاون مع الأمم المتحدة أو بمفردنا؟
السفير: أعتقد أننا كنا أكبر المتبرعين للأمم المتحدة، وبالنسبة للعمل بالترادف معها، فقد عملنا معهم عن قرب في موضع قوة الشرطة مع وزير الداخلية. كان هناك شخص معيّن من الأمم المتحدة للعمل كمستشار شرطي. وكان لدينا مستشار شرطي قدير، جعلته متاحا لوزير الداخلية للمساعدة في تطوير برنامج لإيجاد بنية تنظيمية، كنا نأمل حتى ذلك الوقت، في تفكيك الميليشيات واستيعابها ضمن النظام.
وبالنسبة لمساعدة الأمم المتحدة في مجالات أخرى، واجهنا سؤال تدفق الأموال، وإدارة الميزانية، وغير ذلك. كان لدينا برنامج إدارة مالية بسيط للغاية، والذي كان نوعا من البرنامج المحاسبي الذي يسمح لوزارة المالية بمعرفة ماذا تنفق وعلى أي بند. ثم تم دمج هذا البرنامج بآخر أكثر تعقيدا عن طريق البنك الدولي، لكن من جديد، فقد كان هذا هو المنصة التي ينطلق منها البرنامج التالي للأمم المتحدة.
إذا ما استرجعتُ تلك الأيام، كانت هناك صعوبة حقيقية في انسيابية الدخل العام، وفي جلب الدخل إلى ليبيا، ولهذا عملنا لدعم الأمم المتحدة لرفع الحظر عن 12 مليارا يملكها البنك المركزي. وبالفعل عندما ذهبت إلى ليبيا للمرة الأولى في نهاية أغسطس حملت معي 280 مليون دينار ليبي من شركة (دو لا رو) لطبع العملة، وقدمنا بعض المساعدة في تدفق العملة في المرحلة الأولى ليكون للحكومة ميزانية تتحرك بها.
قدمنا دعما كبيرا عبر تدخلاتنا في برنامج العدالة، وكان لدينا قلق عميق بالذات حول معاملة مواطني الدول الأخرى، وكذلك لمن اعتقلتهم الميليشيات المختلفة وسجنوا في أماكن لا تخضع للمنظومة القضائية. إذن، كان الأمر يتعلق بمساعدة وزارة العدل لفرض سيطرتها على هذه الحالات، وفي مجال المجتمع المدني، عملنا مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي كان له سبق في هذا الشأن، وهذه مجرد أمثلة.
كنا نعقد اجتماعات تنسيق دورية، تترأسها الأمم المتحدة لأكثر من عشرة من الدول الرئيسة للتأكيد على أن ما نقوم به، وما يقوم بع المتبرعون الرئيسيون، يكون مكملا لما تقوم به الأمم المتحدة.
وعودة إلى السؤال الأول حول تأثير الأمم المتحدة، سأضيف هنا أنه كان هناك الترتيبات الأولى التي جرت في باريس في الصيف، حيث أعطي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مسؤولية المساعدة في إعادة الإعمار في ليبيا، حدثت بعض الخلافات حول من يقود وفي أي مجال، ولكنها كانت طفيفة ولم تسبب مشاكل جدية.
سؤال102 ستيفن غيثنز: ذكرت أن بريطانيا كانت المتبرع الأكبر، وأنكم أشرفتم على برامج محاسبة مالية وعلى العدالة. أعتقد بأنه كانت هناك قضايا تعلقت بسيادة القانون والأمن، وبالتالي كان لديك برامج عديدة ومهمة. فهل بإمكانك أن تخبرني، بناءً على الأرقام التي أصدرتها مكتبة مجلس العموم، لماذا كلف إنفاقنا على قصف ليبيا ثلاثة عشر ضعفا ما أنفقناه على برامج إعادة البناء؟ لقد أنفقنا 320 مليون إسترليني في المجهود الحربي، بينما أنفقنا 25 مليونا على إعادة الإعمار منذ نوفمبر 2011 فهل هذا صحيح؟ ولماذا نحن في هذه الوضعية التي تجعل أرقامنا مقلوبة بهذه الطريقة؟
السفير: حساباتنا تقول إن البلاد لها مداخيل من النفط ستدخل خزينتها، وكانت على شكل أصول مالية خارجية يمتلكها البنك المركزي، وهناك جهود مع مجلس الأمن لفك التجميد على هذه الأموال. أما أصول مؤسسة الاستثمار الليبية، فهي حالة مختلفة وأغلب أصولها ما تزال مجمدة.
حسب ما فهمت فإن ليبيا بتعداد سكانها القليل أي نحو 6 ملايين، سيكون لديها الكثير من الأموال تحت تصرفها، وبالتالي لم يأخذ توفير المال أو التمويل أسبقية، بعكس الحاجة للمستشارين المختلفين. لابد أن أضيف أن قائمة المشاريع التي عملنا عليها مع الأمم المتحدة كانت هائلة، وشاركنا في جهود لحل قضية الألغام والقنابل التي لم تنفجر، وطبعا كانت الأخيرة ناتجة عن قصف الناتو.
سؤال 103 ستيفن غيثنز: إذا جزء من مبلغ الـ 25 مليون صُرف على برنامج تنظيف القنابل التي لم تنفجر؟ وهكذا فهمنا أن انعدام صرف الأموال، كان بسبب اعتقادنا أن الليبيين لديهم ما يكفي من المال للتعامل مع المرحلة ما بعد الصراع.
السفير: قد أكون مخطئا، ولكني أعتقد ذلك، نعم.
سؤال104 مايك غيبز: الفترة التي كنت فيها وزيرا تزامنت مع ما أخبرنا به أحد شهودنا السابقين، بأن الفرصة كانت مواتية لتعزيز الأمن وبناء المؤسسات. هل توافق أن الفرصة كانت مواتية في تلك الفترة؟
السفير: أوافق، لكن من المهم أن نفهم لماذا ضاعت تلك الفرصة، أو لماذا لم تستغل كما ينبغي. هناك أسباب عدة مختلفة، وحينما أتذكر الأمر، ربما كان من الأفضل لو تم تكليف قوة خارجية لإعادة الاستقرار، لكن من المؤكد أن أحدا لم يرغب في ذلك.
المشاكل التي واجهتنا كانت: من لديه المقدرة ــ القوة ــ لمواجهة الميليشيات في ليبيا؟ لا يوجد شك بأنه كانت هناك مسؤولية ليبية في عدم استغلال تلك الفرصة. وقد وُجهت تحذيرات المسؤولين مرة بعد الأخرى حول مخاطر الاعتماد على الميليشيات في توفير الأمن، وهو ما يعني فعليا إعطاؤهم الإذن بالعمل. ولهذا السب تضخم عدد الثوار في السنة التالية من نحو 20 ـ 25 ألفا من الذين شاركوا فعليا في الثورة إلى أكثر من 140 ألفا، بسبب تكليف مجموعات لم تشترك في القتال لحفظ النظام في أنحاء البلاد.
سؤال105 مايك غيبز: معنى كلامك، أنه بالتغيرات التي حدثت، وبسبب غياب السلطة، لم يوجد بناء مؤسساتي يمكنه مواجهة الميليشيات؟
السفير: ليس مركزيا. فقد حُلت/تفككت القوات المسلحة والشرطة، وكان يوجد تساؤل في المجتمع الليبي حول إعادة عمل المؤسسات الشرطية القديمة. في النهاية لم يكن عناك جيش أو شرطة للإمساك بزمام الأمور.
سؤال106 مايك غيبز: كنتَ في العراق، وكان من المفترض أن نتعلم الدروس من العراق، وأحد تلك الدروس أن اجتثاث البعث قاد إلى الفوضى التي تلته، ألم يكن هناك مخطط أو تبصّر للتفكير في ما سيحدث بعد رحيل القذافي؟
السفير: لم أكن هناك حينذاك، وعليه لابد أن تتوجه بالسؤال إلى شخص غيري، وعندما وصلت إلى ليبيا في نوفمبر، كانت الميليشيات مسيطرة على البلاد قبل ذلك.
ولكن دعني أحاول الإجابة على سؤالك بشكل آخر، لو أننا ركزنا عملنا في البداية على بنغازي ثم طرابلس في وقت لاحق، بدلا من إقامة قوة تغطي كل البلاد. أي لو أننا حاولنا إقناع القيادة السياسية بإنشاء قوة أمنية تعمل في المدينتين الرئيستين تحت قيادة مركزية. أعتقد أن الأمور ستكون مختلفة. وهي فرصة أضعناها.
الأمور مختلفة عن العراق حيث عليك أن تغطي البلاد كلها. ولكن كان علينا التركيز على هاتين المدينتين.
سؤال107 مايك غايبز: الشهود الذين استمعنا لهم منذ أسبوعين، كانوا يدللون بأن ليبيا يصعب حكمها على غير القذافي، وأن التخلص منه يعني حتمية حدوث ما يجري الآن. هل ترى ذلك أيضا؟
السفير: حسب رأيي يمكن حكم ليبيا خارج نطاق مدينة طرابلس بالتعاون مع القبائل. وهو ما يعني أنه يمكن حكم ليبيا بدون القذافي. ولكن هذا الأمر كان يتطلب قيادة سياسية تتواصل مع البلاد كلها، وهو ما لم يحدث. في المجمل تركز العمل على بنغازي وطرابلس فقط.
أتذكر أنني ذهبت للقاء رئيس الوزراء الانتقالي في وقت مبكر من حكمه، وأنني تنقلت في البلاد ــــــــــــــــــــــ
سؤال108 مايك غيبس: أي رئيس وزراء انتقالي تقصد؟
السفير: كان رئيس وزراء الحكومة الانتقالية، عبد الرحيم الكيب. لقد تجولت في ليبيا أكثر مما فعل هو. كانت تلك طبيعة تصرفات القيادة السياسية آنذاك.ولكن حتى في ذلك الوقت المبكر من عمر الحكومة الانتقالية التي تشكلت في نوفمبر 2011 ــ كان من الواضح وجود صعوبة لدى القيادة السياسية لتفادي الضغوط من قبل أطراف مختلفة لمنح الميليشيات السلطة العليا للإشراف على الأمن في مناطق مختلفة من البلاد.
سؤال109 نضيم زهاوي: أريد العودة بك إلى الدروس المستقاة من العراق وليبيا. وبالطبع هما مختلفان كثير من حيث الالتزام، وفكرة التحالف. وهناك تشابه أيضا. أظن أنك ستوافق على أن النخب السياسية والشارع في البلدين رأوا أن إسقاط الدكتاتور أمر نفذ من قبل التحالف ومن خارج البلدين. الشكوى من بعض النخب والرأي العام بعد إسقاط صدام وإلى حد ما بعد القذافي، مفادها أن التحالف لم يكن دقيقا ولا مهتما بما فيه الكفاية في إدارة العراق وليبيا. أي دروس مستفادة؟ وهل هناك طريق ثالث؟ بدل مجرد نزع أيدينا عن البلد. بمجرد تدخلنا في تلك البلدان وإسقاط الدكتاتور، أما كان يجب أن نتصرف بشكل مختلف، وأن نوفر على الأقل الأمن للناس؟ ثم بعد ذلك تأتي عملية بناء المؤسسات.
السفير: هذا ليس قالب جاهز يصلح لكل الأحوال، وعليه فربما يمكنني الإجابة بالنسبة إلى ليبيا ، مستفيدا من مسألة الإدراك المتأخر.
كلا لننس فائدة الإدراك المتأخر. لو أردت العمل كأجنبي مع حكومة ليبيا التي لا تملك المقدرة الأمنية على حماية نفسها من الهجوم عليها ــ وهذا أمر أساسي لما نتحدث عنه ـ ففي رأيي أنه من النزاهة أن يجد المجتمع الدولي طريقة لضمان الدفاع عن تلك الدولة في حال مهاجمتها. وإن لم تكن مستعدا كمجتمع دولي لوضع قوات على الأرض، أو أن الأمم المتحدة لا ترغب في تكليف القبعات الزرق بهذا، فحينذاك سيكون لديك مشكلة. ثمة طرق عديدة للقيام بذلك، ولكن في النهاية ستواجه بقضية كيف تقنع الناس بهذا الأمر.
وإن لم تكن على استعداد لوضع قوة على الأرض، فكيف تقنع الناس بترك الميليشيات، وتسليم السلاح، والدخول في برامج إعادة تأهيل ضد إرادة البعض منهم؟ وإن لم تملك القدرة على القيام بضغط مباشر، فمن الصعوبة معرفة كيف ستحقق ما تصبو إليه. ذلك كيف كان الوضع في ليبيا. لم يكن هناك إرادة لدى الحكومات الخارجية لمساعدة ليبيا لوضع قوات على الأرض في أي من مناطقها.
سؤال110 نديم زهاوي: هل بإمكانك القول إذن،أنك إن كنت غير قادر على الإجابة على هذا السؤال المهم للغاية، فلا يجب أن تقوم بتنفيذ عملية كالتي نفذناها في ليبيا؟
السفير: عودة لسؤال بنغازي, إذا كان هناك وجود لقلق حقيقي حول الخطر الإنساني, فكان من المنطقي التدخل لإيقاف ذلك.
سؤال111 نديم زهاوي: حتى وإن كنت غير قادر على إجابة السؤال البالغ الأهمية: هل أنت قادر على حماية الدولة الليبية, بعد العملية, من أي هجوم؟
السفير: برأيي الشخصي, نعم. ولكن القادة السياسيين الآخرين قد يختلفون معي في الرأي, الموضوع شخصي تماما.
سؤال112 نديم زهاوي: هل تستطيع أن تشرح لنا ماذا كان دور جامعة الدول العربية,, وأين هي اليوم؟
السفير: في تلك المرحلة كنت أتعامل بشكل أكبر, مع جامعة الدول العربية, وكان الهدف الرئيسي هو الحصول على دعمهم لمنطقة حظر طيران, وهو ما حصلنا عليه, ولم تكن المهمة صعبة, فلم يكن هناك علاقة ودية بين الجامعة العربية والقذافي. رحلتي الأولى لليبيا كانت في أواخر أغسطس إلى أوائل سبتمبر, ثم عدت في نوفمبر.
سؤال113 نديم زهاوي: هل كان يدير الأمور أكثر مما كنا نفعل نحن؟
السفير: لا, ولكنه كان فعالا. ومن ناحية حضور آخر, فلم أر الكثيرين. بعد ذلك, كان التكوين واضحا من حيث حضور بعض القادة السياسيين الليبيين, واستمر هذا الترتيب حتى اليوم. ومن ناحية الآخرين, ما زال هناك الكثير من المصريين في ليبيا, ومصر كانت مصممة على أنها لن تتدخل بأي طريقة تعرضها للخطر, فإلى حد ما كانت مقيدة في حركاتها.
سؤال 114 السيد هيندريك: قرار الأمم المتحدة 1973 لم يتطرق لمسألة تغيير النظام أو إعادة الإعمار في ليبيا. بهذا الإدراك المتأخر, هل كانت هذه غلطة؟ هل تعتقد أن المجتمع الدولي أعيق من قبل محدودية شروط قرار الأمم المتحدة ؟
السفير: لم تكن ضيقة من حيث المساعدة في إعادة الإعمار, وهو الغاية.
سؤال115 السيد هيندريك: قبل أن تكمل, أتذكرُ التصويت الذي حصل في هذا المجلس على ذلك, وكان معنيا بتوفير الحماية للمدنيين وأشياء من ذلك القبيل, لقد كان قرار 1973 مهدئا, ولم يتطرق لما قد يأتي لاحقا. هل تقول إنه كان عليه ألا يتطرق إلى ذلك, أم أنه لم يكن هناك حاجة لذلك؟
السفير: في تلك المرحلة (مارس 2011) كان 1973 متعلقا ب"الحق في الحماية" والعمليات التي تدعم ذلك, ومنطقة حظر الطيران التي تساعد في ذلك, هنا كانت تتركز الجهود, وهذا ما كان يعنيني, فأنا كنت في القاهرة في ذلك الوقت. أما تركيز الجهود فيما يتعلق بالجامعة العربية, فكان يتعلق بالحصول على موافقة الجانب العربي لنقوم بعمليات "الحق في الحماية". دارت بيني وبين أمين عام الجامعة العربية حوارات طويلة في ذلك الوقت (ولا أظنني أذيع سرا) حول تأويله لما هو مستعد أن نقوم به تحت شروط 1973 وتطبيق منطقة حظر الطيران. لم يكن هناك رغبة في قوات أجنبية على الأرض, فالجواب هو أنه لم يكن هناك إمكانية لتوسيع نطاق القرار. وإن كان مضمون سؤالك هو هل كان من الممكن توسيع نطاقه ليسمح بدخول قوات أجنبية إلى الأراضي الليبية. حسبما أذكر, فهذه النقطة كانت غير قابلة للقبول بها في المنطقة, وكان من المهم في تلك المرحلة أن نحصل على دعم العرب لما نفعله.
سؤال 116 السيد هيندريك: هل كان هذا استجابة سريعة لما بدا أنه هجوم على بنغازي؟
السفير: حسبما أذكر, كان استجابة لحماية سكان بنغازي من هجوم القذافي تحديدا, وهو ما كان يعتبر خطرا حقيقيا.
سؤال117 السيد هيندريك: إن لم يكن هناك خطة مفصلة لإعادة الإعمار أو لقوات على الأرض, فقد قلت سابقا أن الأمم المتحدة قامت بتخطيط استثنائي, وأحد الدروس التي تعلمناها من العراق كانت النظر في التحديات, وكان هناك نقاش حول نقص الكفاءة, وذكرت صعوبات متمثلة بالقبائل المختلفة والنواحي الدينية والعرقية. والآن, أن تقول, كما قلت, أنك قادر على فهم هذه التحديات هو شيء, وأن تمتلك الوسائل لتتمكن من أن تتعامل معها وتحقق خاتمة سلمية لليبيا بعد ذلك هو شيء آخر. هل تقول, أنه رغم أن الغرب فهموا هذه التحديات, فلم ندرك كيف نتعامل معها ونحل المشاكل؟
السفير: التخطيط في الأمم المتحدة, كما فهمت, حصل بعد فترة مرور فترة على صدور قرار 1973, فأنشئ المجلس الوطني الانتقالي في مايو, يونيو ويوليو. كنا نعمل نحن وغيرنا نعمل مع المجلس الوطني الانتقالي كيفية صموده وإدارته كحكومة محتملة مستقبلا. وبالتالي فإن تخطيط الأمم المتحدة، في السياق الذي، كما قلت، لا بد أن يكون شديد الحرص على الحيادية، وقع في مرحلة ما بعد هذا القرار. بعد أن صدر القرار, لا أعتقد أنه كان هناك تخطيط –
سؤال118 السيد هيندريك: عن أي نوع من التخطيط نتحدث؟ هل نتحدث عن الانتقال إلى نوع من الحكومة المؤقتة, أم حول تخطيط ما بعد الصراع وكيفية معالجة المشاكل الحقيقية المرجح وقوعها, كما ذكرت, التعامل مع الميليشيات وقوات الأمن والغذاء والإغاثة؟ عن أي نوع من التخطيط نتحدث؟
السفير: كان هناك حضور دولي وبريطاني في بنغازي منذ أبريل 2011 بعمل مع المجلس الوطني الانتقالي. ولعلكم تذكرون أنه كانت هناك سلسلة من الاجتماعات مع المجلس بعد ذلك على أساس شهري تقريبا في أماكن مختلفة في جميع أنحاء المنطقة وأوروبا. في مايو 2011، وضعت خطة لتحقيق الاستقرار للمجلس الوطني الانتقالي متضمنة مقترحات حول ما سيكون مطلوبا في سياق ما بعد القذافي.
سؤال 119 السيد هيندريك: لا يبدو لي ذلك كخطة وضعت من قبل الأمم المتحدة قبل الصراع, بل يبدو لي وكأنه خطة وعملية بدأت بالظهور بعد أن هدأ الصراع بالفعل. كان يفترض أن يكون لديكم خطة موضوعة, تبدو لي وكأنها قيد الإجراء, ولا تبدو كأنها أساسيات لإنجاز الأمور على أرض الواقع حتى لا يتفاقم الصراع كما حدث.
السفير: لست على علم بأي تخطيط قبل – هل تقصد الصراع في مارس؟
سؤال120 السيد هيندريك: لقد قلت أنه كان هناك تخطيط استثنائي للأمم المتحدة قبل الصراع.
السفير: إذا قلت ذلك، فهو عن طريق الخطأ, أنا لا أعتقد أنني استخدمت كلمة "استثنائي"، ولكن كان هناك تخطيط من قبل الأمم المتحدة. كنت على علم بتخطيط للأمم المتحدة في صيف عام 2011، بعد مارس. أنا لست على علم بأي تخطيط للأمم المتحدة قبل تهديد القذافي ضد بنغازي، ولم يكن من المنطقي أن يكون هناك أي تخطيط.
سؤال121 السيد هيندريك: ليس قبل تهديده ضد بنغازي, قبل أن يتخذ الناتو أي إجراء.
السفير: لم يكن هناك أي تخطيط قبل اتخاذ الناتو للإجراء, 17 مارس. أنا أعتذر إن قمت بتضليلكم.
سؤال 122 السيد هيندريك: قال أحد الشهود في جلسة سابقة, إن الانتقال إلى الديمقراطية في 2012 كان مستعجلا بشكل غير معقول. برأيك,ما مدى فعالية الحكومة المؤقتة للمجلس الوطني الانتقالي في بناء القدرات المؤسسية للدولة الليبية لدعم أي حكومة ديمقراطية في المستقبل؟
السفير: لا أعتقد أن المجلس الوطني الانتقالي كان فعالا, فقد ورث، كما سمعنا مرارا وتكرارا، نظاما غير قادر على العمل، نظرا لنهج القذافي في الحكم والإدارة, لذلك كان عليه بناء دائرة إدارية أو مدنية من الصفر، وما يزال هناك طريق طويلة بينه و بين القدرة على الخدمة.
على سبيل المثال, إحدى أولوياتنا كان محاولة بناء خدمة صحية في مرحلة مبكرة. لقد عملتُ بالقرب من وزيرة الصحة للحكومة الانتقالية, وهي امرأة تتعرض للهجوم باستمرار لعدم ارتدائها الحجاب. كانت المشكلة أنه حتى عندما تتخذ قرارا، يتطلب الوصول من مرحلة القرار الوزاري لتنفيذ المطلوب ما يقارب 36 توقيعا, فكان لديك هيكل إداري يصعب إنجاز أي مهمة فيه, لأن أيا من هؤلاء الموقعين ال36 بإمكانهم أن يعلقوا أي مشروع معين إذا كان لديهم سبب للاعتراض عليه. لذلك كان الهيكل مشلولا من حيث فعاليته, ولم يحرز المشروع أي تقدم قبل وصولي.
سأعطيك مثالا آخر على تحريك الاقتصاد. عندما وصلت، كان هناك 11000 عقدا كنت على علم به, فأحدث رقم رأيته كان 17000, كلها تسبق الثورة، وستذهب إما إلى التحكيم من قبل الشركات، أو يجب أن يتم حلها بطريقة أو بأخرى، قبل أن يتمكنوا من المضي قدما. كانت طرابلس مشهورة بأنها تمتلك، حسب ذاكرتي، أكبر عدد من الرافعات الساكنة (انعدام الفاعلية). حل تلك المشاكل الموروثة من عهد القذافي, جعل النشاط من قبل السلطة التنفيذية في غاية الصعوبة, فالناس لم يعتادوا على اتخاذ القرارات.
سؤال 123 السيد هيندريك: بالاستفادة من التجارب السابقة, ما الذي كنت ستقوم به بشكل مختلف, ومن الواضح أنه لم يحدث؟
السفير: من ناحية إعادة الإعمار؟
السيد هيندريك: نعم. لقد ذكرت مسبقا قوات تحقيق الاستقرار, بالاستفادة من التجارب السابقة، ماذا تظن كان يمكن أو يجب أن يحدث، حتى لا نكون في الوضع الذي نحن فيه الآن؟
السفير: كان يمكننا أن نكون أكثر دقة في تحديد الأولويات للحكومة القادمة, واستعمال أكبر قدر من التأثير ونضغط عليها لتركز على تحقيق تقدم ملحوظ. لم يكن هناك أي مشاريع قيد التنفيذ في البلاد. ومن الأشياء التي سأغيرها, وسأجلب زملائي الفرنسيين والأمريكيين في هذا الشأن للبرهنة على وجود جهود متضافرة من الداعمين الدوليين, هو تركيز رئيس الوزراء والرئيس عبد الجليل على حدة، ولكن بالضبط بنفس الشروط, على أن تثبت الحكومة والمجلس الوطني الانتقالي للشعب الليبي أنهم يقومون بما ينبغي على الحكومة أن تقوم به, وهو التركيز على الأولويات, من تحسين المدارس, تشغيل المستشفيات, السماح للاتصالات بالاستكمال، وجعل المطارات والموانئ تعمل، واستعادة ضخ النفط.
من التجارب السابقة, أعتقد أننا إذا قمنا بالتركيز على عدد أقل من المهام القابلة للتنفيذ, وأحضرنا أناسا عمليين وقادرين على تنفيذ هذه المهام, ومارسنا ضغوطا أكبر عليهم لتنفيذ هذه السلسلة المحدودة من المشاريع. فعدها قد يكون لدينا قوة دفع كافية للحصول على الدعم للحكومة التي بنيناها.
سؤال124 السيد هيندريك: هل تعتقد أن ذلك كان ممكنا، نظرا إلى أن الهياكل المؤسساتية قد جُرفت مع سلطة القذافي وحكومته؟ وأخيرا, هل تعتقد أن وجود قوات تحقيق الاستقرار وحفظ الأمن على الأرض كان سيصنع فرقا في حصول ما تريده الحكومة؟
السفير: بالنسبة للسؤال الأول حول إمكانية ذلك, فكان سيتطلب شجاعة ورؤية سياسية, وهذه الشجاعة لم تكن ظاهرة.
لا أزال غير متأكد حول متى كانت المرحلة الأفضل لتقديم قوات تحقيق الاستقرار, وإن كان ذلك ممكنا في السياق المحلي للدول التي ستزود بها, وسيكون عليها أن تستدعى من قبل حكومة, لعدم وجود الهيكل القانوني الدولي لحدوث ذلك.
سؤال 125 السيد هيندريك: لهذا سألت عن القرار. هل تعتقد أن القرار كان يجب أن يوسع نطاقه؟
السفير: أعتقد أن ذلك كان غير قابل للتنفيذ, في السياق الدولي.
سؤال 126 الرئيس: هل تتفق معي على أننا وغيرنا من الغرب, أظهرنا قدرا كبيرا من التفاؤل حول انتخابات المسميين ب"المعتدلين" بظننا أنهم مستقلين, حين كانوا في الواقع مرتبطين بإحدى الجماعات المتطرفة أو غيرها؟ هل يثبت ذلك, مرة أخرى, أننا ببساطة لم نكن على فهم بما يحصل في الساحة في هذه الانتخابات المبكرة؟
السفير: تم وضع جدول الانتخابات من قبل الليبيين, كان التاريخ المقرر لإقامة الانتخابات هو بعد إعلان التحرير ب240 يوما, كما جاء في الإعلان الدستوري, كان هذا عهدا قطعه المجلس الوطني الانتقالي لليبيين, واعتبروه في غاية الأهمية. ازداد ضعف المجلس الوطني الانتقالي لعدم انتخابه, وفي كلتا الحالتين، كنا نعمل في سياق أنه ستكون هناك انتخابات.
عن سؤالك حول إساءة قراءتنا لنتائج الانتخابات, أعترض على زعمك بأننا كنا ساذجين في اعتقادنا أن الإسلاميين كانوا مستقلين, فقد قمنا بالحسابات مع المعرفة التامة أن العديد من المستقلين ميالون للإخوان المسلمين, ولكن حتى الليبيين لم يكونوا متأكدين من العدد الذي سينتقل إلى الجهة الأخرى بعد حسم النتيجة. حسبما أذكر, كان الإجماع العام من الليبيين أن 112 مقعدا من ال200 سيكونون لليبراليين, ولكن نحن وهم كنا واضحين في أن هذه أرقام هشة, وسيأتي الوقت وتتشكل التحالفات بين الإخوان المسلمين وغيرها من العناصر الميالة للإسلام, والمستقلين, والأرقام ستتأرجح, وستتأرجح لأسباب مختلفة.لا أعتقد أننا كنا نعمل تحت أي أوهام حول كيفية تفاعل البرلمان.
سؤال 127 الرئيس: هل استطيع أن أسألك سؤالا آخر حول قرار الأمم المتحدة 1973؟ لقد كان انقلابا دبلوماسيا في عديد من النواحي في ذلك الوقت, ولكن هل تفهم إحباط الروس والصينيين والاتحاد الأفريقي على سبيل المثيل, والذين يعتقدون أنه كان معنيا بتغيير النظام بمقدار ما هو معني بحماية مواطني بنغازي أو أكثر, إذا نظرت إلى العمليات على الأرض واستهداف القذافي نفسه على سبيل المثال؟ بالتأكيد, هناك دول مهمة, ومن الأعضاء الدائمين في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي, ممن كانوا مؤمنين بأنه معني بتغيير النظام أكثر من أي شيء آخر. هل تفهم ذلك؟ هل تستطيع التعاطف مع ذلك؟ من كانوا هنا قبلك, ماذا كنت ستقول لهم؟
السفير: إن القذافي كان لديه العديد من الفرص ليتنحى بعد ذلك, متمثلة بزيارات من الاتحاد الأفريقي لليبيا. ومن جهتنا, أود أن أطلب منهم أن يتفهموا لماذا كان هناك انعدام ثقة في كل ما يعد به.
سؤال128 ياسمين قريشي: في الوقت الذي كنت فيه سفيرا هناك, هل سألتك الحكومة المؤقتة عن رأيك أو دعمك أو نصيحتك حول أية قضية؟ وإن فعلوا, فهل أعطيتهم النصيحة؟ وهل عملوا بها؟
السفير: نعم, يوميا, رئيس الوزراء أو نائب رئيس الوزراء, أو نوابه. كان هناك تبادل وحوار دائم حول التحديات التي تواجههم. تركزت حول حاجتهم لممارسة سلطة تنفيذية بقدر ما يستطيعون, أو تركزت على مشاريع محددة كنا نساعد بها. على سبيل المثال كان هناك تدريب لمساعدة وزارة الداخلية على إنشاء هيكل قادر على التعامل مع قوات الأمن, أو مساعدة وزارة الصحة لتحسين نظام الرعاية الصحية.
هل عملوا بالنصيحة؟ كان هناك بالتأكيد شراكة في التحليل في نهاية تلك المحادثات وإحباط, في كثير من الأحيان من جانبهم, للصعوبة في تطبيق قراراتهم.
سؤال129 دانيال كاوزينسكي: أنت الآن رئيس مجلس الأعمال الليبي البريطاني. لقد حظيت بفرصة الخطاب بمؤتمر ليبيا للنفط والغاز الأسبوع الماضي في فندق تاور. كان هناك تحمس كبير من قبل الممثلين الليبيين والبريطانيين لإعادة تشغيل صناعة وإنتاج النفط الليبي. ولكن هناك قلق من نصيحة وزارة الخارجية للشركات البريطانية التي تعمل في هذا النطاق. أولا, هل بإمكانك أن تحدثنا عن نشاطات مجلس الأعمال الليبي البريطاني؟ وثانيا, ما هي نصيحتك لمشروع من شروبشاير, كشركة هندسة صغيرة أو ما شابه, التي تحاول دخول السوق الليبي؟
السفير: مجلس الأعمال هجين نوعا ما, فهو ليس مجلس أعمال عادي, إنه أقرب لغرفة تجارة من حيث أنه مدعوم بعضوية. فيه الآن حوالي 100 عضو, كان أكبر في السابق, لكنه ما يزال مستمرا. هذه الشركات لديها تاريخ طويل من الارتباطات في ليبيا, إنه قطاع جيد من النشاط الدعائي البريطاني.
كنا ننظم بعثات تجارية إلى ليبيا بانتظام, ولكننا لم نفعل منذ فترة, منذ أن خرجت الحكومة من طرابلس الصيف الماضي, وذلك بسبب صعوبة التعامل مع حكومة غير معترف بها. وأيضا مع نصائح السفر, بصراحة من الصعب أن …. في بعثة تجارية، حتى وإن كنت واثقا بمشاركة على مستوى وزاري من الحكومة في طبرق أو البيضاء.
نحن ننظر في إمكانية المشاركة في بعثات في دول أخرى, حيث يأتي الليبيون إليها وتعرفهم على مشاريع الأعمال البريطانية, هذا لا يزال خيارا, ولكن لاستمرارية العضوية, ننظم الآن نشاطات هنا في بريطانيا, نجمع بها الأعضاء لأحداث متنوعة مع متحدثين ليبيين يأتون من الخارج ليشرحوا لهم ويبقوهم على اتصال مع التطورات.
عندما توجد حكومة, سيكون من الأسهل الارتباط من جديد, لأنه إن كان لديك حكومة موحدة تصبح قادرا على تخطي الضرر الناتج عن الخصام في إدارة بعض المؤسسات البالغة في الأهمية, كالبنك المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار والمؤسسة الوطنية للنفط.
النصيحة في هذه المرحلة, هي أنك إن لم تكن مرتبطا بمشاريع حالية, فمن المهم أن تكون في المكان المناسب وجاهزا للحظة التي تتاح بها إمكانية القيام بأعمال تجارية, وهذا هو ما نحاول تيسيره في مجلس الأعمال, إبقائهم على اتصال بأحدث المستجدات التي تحصل في ليبيا وبالأشخاص الذين سيكونون معنيين في المستقبل.
حين يصبح من الممكن القيام بالأعمال مجددا, سيكون هناك مطلبين رئيسين برأيي, أولهما الثقة بأن حكومة الوفاق الوطني, أو أيا كان الذي سيأتي بعدها, ستدعم حين تستلم الحكم ضد أي هجوم, لأنني لا أعرف أي مصلحة هنا تشعر بالراحة بالقيام بأعمال مع حكومة قد تختفي أو تنجرف مع أول هجوم.
الثانية, هي أن تكون ضامنا لوسيلة الدفع في حال توقيع العقود. وهنا تحتاج إلى بعض المخيلة في التفكير, فكيفية رهن ممتلكات ليبية لضمان الدفع مسألة حساسة, فهذا يحتاج لموافقة الحكومة الليبية في ذلك الوقت. معنى ذلك إذا كانت هناك ممتلكات للمؤسسة الليبية للاستثمار أو للبنك المركزي, سيكون من المحرج جدا أن تستولي حكومة أجنبية على الممتلكات لتدفع لشركات بريطانية أو فرنسية أو أيا كانت, ولكن إن تم استعمالهم كضمان للدفع, قد يكون هناك طريقة للشركات الأجنبية لتتأكد دفع حصتها.
سؤال130 دانيال كاوزينسكي: عودة إلى النفط والغاز, وهو مصدر الدخل الأول في ليبيا, الرأي الذي كونته من المؤتمر, هو أن حقول الغاز والنفط في ليبيا أكثر أمانا من الاعتقاد السائد, وأن هناك العديد من الشركات الدولية تعمل في تلك المناطق في الوقت الحالي وبنجاح عال. هل هذا منظورك؟ ماذا لديك لتقوله لخبراء قطاع النفط والغاز البريطانيين؟
السفير: أعتقد أن هناك اختلاف في وجهات النظر بين شركات الأمن التي تحدثت في المؤتمر, وشركة النفط الوطنية, حول نسبة الأمان في الحقول. ففي سياق تمتلك به شركات النفط الأجنبية نماذج كعين أمناس, لن يرغبوا في تعريض أعمالهم لخطر أن تهاجم منشأة في عمق ليبيا, في دولة حيث لا توجد تغطية موثوقة من الناحية الأمنية في المنطقة. عين امناس كانت في الجزائر, ولكن الأخطار متشابهة. بوجود الدولة الإسلامية وميليشيات إسلامية أخرى, يرتفع الخطر على المصالح الأجنبية التي تنتج إيرادات لحكومة, آمل أنها ستحارب هذه الجماعات الإسلامية الجهادية. في هذا السياق, لا تحتاج للكثير لتستنتج أن هناك مجازفة كبيرة.
أنا لست على علم بعدد كبير من الشركات الأجنبية التي تعمل على الأرض, هذا الادعاء من الشركة الوطنية للنفط يحيرني. وسأقول أيضا أن هناك اختلافا في الرأي حول المخاطر بين شركات النفط الأجنبية والشركة الوطنية للنفط, وهذا الرأي هو واقع مهم.
سؤال131 دانيال كاوزينسكي: أخيرا, أنا مهتم بعلاقة منظمتك بهيئة التجارة والاستثمار البريطانية من حيث ترويج ليبيا كوجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية عندما تصبح الظروف ملائمة. ما هو نوع العلاقة, إن وجدت مع هيئة التجارة والاستثمار البريطانية؟
السفير: سترى أن ليديها أعمالا في تونس تغطي ليبيا. هيئة التجارة والاستثمار البريطانية تدفع الدول بشكل متزايد, للقيام بمسؤولية التعامل مع العلاقات التجارية بين بريطانيا والبلد المعني. عندما يأتي ضابط الهيئة القائم حاليا في تونس, سيقابله مجلس الأعمال, وعندما يأتي السفير البريطاني إلى بريطانيا، سيخاطب مجلس الأعمال أيضا, كما فعل مؤخرا. هناك تعاون بيننا وبين التمثيل البريطاني في تونس المتعلق بليبيا, وآمل أن يتطور هذا التعاون حين تعين حكومة موحدة, وهناك خطة لذلك.
سؤال132 ياسمين قريشي: قد تكون على علم بأن إحصاءات البنك الدولي في العام الماضي لحالة الاقتصاد الليبي كانت مثيرة للقلق. ما مدى قرب الاقتصاد الليبي من الانهيار؟ هل هناك خطر على الحكم في طبرق أو طرابلس من أن ينفد منهم المال؟
السفير: أفضل حسابات مرت علي لتغطية تكاليف الدولة تتطلب سحب ما يقارب 1.5 مليار استرليني شهريا, وأعتقد أنها تأتي من أموال البنك الدولي, وأنا أفهم أنه عمليا الحكومة الليبية في طرابلس أو طبرق لم تنفق على أي مشاريع كانت كبيرة أم صغيرة ، مهما كان اسمها، ولكن هذه الحسابات تبدو منطقية إذا نظرت إلى المصاريف المطلوبة وكمية النفط المصدر.وهذا ليس رقم بإمكان البنك الدولي تأكيده, وسأجازف بالقول إنه رقم مستهدف. هذا سيسمح للبنك الدولي بالاستمرار لبضع سنوات أخرى, ولكن على مستوى معيشي, وليس على مستوى تستطيع فيه ليبيا أن تعمل, فهناك قلق من أن يصبح استمرار الدولة صعبا للغاية. قد يصبح الاعتماد على ما يبدو أنه مستويات سيولة عالية جدا في الاقتصاد المحلي في الدينار الليبي, خيارا للحفاظ على استمرارية العملية.
هناك سؤال ما زلت غير قادر على الإجابة عليه, وهو حول المساواة في تقسيم الدخل بين الإدارتين في طرابلس وطبرق-البيضاء. هناك الكثير من الأدلة الشفاهية على أن طبرق والبيضاء لا تحصلان على الدخل بإنصاف, ولكن ليس لدي أي دليل مباشر لإثبات ذلك بأي طريقة.
سؤال 133 الرئيس: سأحوّل الحديث الآن إذا سمحت لي, إلى محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة. هناك قلق من أننا لا نحرز تقدما ملحوظا. نحن نعلم أننا بحاجة إلى تسوية سياسية للتعامل مع المتطرفين في البلاد، وتشجيع الاقتصاد الليبي لتحقيق الازدهار, وتوفير أساس من الدعم للشعب الليبي في ما يخص الأمن. ما هو تقييمك للوضع الحالي؟
السفير: لدي آراء قوية حول ذلك, ولكنني واع بأن المفاوضات السياسية في مرحلة بالغة الحساسية, ولا أريد لأي ما أقول أن يستعمل من قبل إحدى الجهات أو الأخرى لجعل الأمور أكثر صعوبة, سأكون سعيدا جدا بشرح مخاوفي بالتفصيل في جلسة خصوصية, ولكن اسمحوا لي أن أقتصر على الملاحظات التالية.
ما زالت هناك رغبة قوية لدى الشعب الليبي لاتفاق سياسي, هم يريدون حكومة, ويريدون تسوية سياسية. هناك إحباط شديد تجاه قيادتهم السياسية, ولكن أيضا تجاه الأمم المتحدة, والمجتمع الدولي بشكل أوسع, لأنهم لم ينجحوا بتحصيل هذا الاتفاق السياسي. المظاهرة في بنغازي يوم الجمعة, كانت آخر نموذج لهذا الإحباط, وبعد الهجوم عليها كان تعليق سكان بنغازي على الأمم المتحدة واستمرارية الاتحاد في ليبيا مقلق للغاية. لقد أصبح الوضع أكثر خبثا, وهناك خطر حاد في أن يزداد العنف سوءا وأن تنقسم الدولة إن لم يكن هناك اتفاق سياسي.
وهنا سأتجه إلى قضية حساسة. من المهم أن تستعيد الأمم المتحدة الثقة من الأحزاب, ومن مجلس النواب المنتخب والحكومة المعينة في الشرق على وجه الخصوص, فقد قاموا بصياغة اتفاق, كما فعل آخرون في طبرق, صدر في ال11 من يوليو, ولم يكونوا سعيدين برؤية نص آخر يصدر عن الأمم المتحدة في الثامن من أكتوبر, وهذا جاء كخاتمة لسلسلة من التخبط ذهابا وإيابا بين المفاوضين, أي مجلس النواب في طبرق والأمم المتحدة, خلال العام الماضي, حيث شعروا بأن أولئك الذين أزاحوهم من طرابلس أعطيوا وزنا كبيرا. هناك, بلا جدال حاجة لإعادة بناء الثقة.
أقترح أننا إن كنا سنصل إلى اتفاق سياسي, فالمرحلة المقبلة ستتطلب عمليات أكثر تعاونا وتماسكا وحزما من قبل المجتمع الدولي, والذي ستكون الأمم المتحدة جزءا منه, ولكن على نحو نموذج دايتون, حيث تقوم بإجلاس الجميع ولا تسمح لأحد بمغادرة الغرفة قبل الوصول لاتفاق.
سؤال134 الرئيس: هل أستطيع أن أعود لهذا في وقت لاحق؟ العوامل والقوات المؤثرة في الساحة, كانت معروفة لفترة من الزمن, بما في ذلك كبار اللاعبين. هناك قلق حول عدم إشراك بعض اللاعبين الأساسيين في الحوارات. أنا أقدر أنك في وضع حساس, ولكن إلى من توجه انتقادك لعدم إحراز التقدم؟ لا يبدو أننا أقرب في الطريق نحو تشكيل حكومة الوفاق الوطني, فإلى أين توجه انتقادك لذلك؟ أعرف أن هناك العديد من العوامل, ولكن لا بد من وجود أسبقيات في ذهنك.
السفير: سأعود لاتفاقية 11 يوليو, التي صدرت بعد أن كانت المفاوضات دائرة منذ سبتمبر العام الماضي. خرجت اتفاقية, وأستطيع الجدال بأن هذه اللحظة التي قال فيها المجتمع الدولي بإجماع أن "هذه الاتفاقية التي سنقف خلفها, والحكومة التي ستنتج عنها هي الحكومة التي ستنفذ." ولكن ذلك لم يحصل. من الغريب أن بعد مرور ثلاثة أشهر صدرت اتفاقية أخرى من الأمم المتحدة, والتي تبدو من الخارج على أنها لا تحتوي على مادة مؤسسة على مفاوضات متبادلة بينها وبين الجماعة في طبرق, على الأقل.
سؤال 135 الرئيس: حسنا, لا أريد الحوم حول الموضوع, ولكنك هل بإمكانك القول, أنه بما أن هذه كانت مفاوضات برعاية الأمم المتحدة, فإذن يكمن الخطأ في الأمم المتحدة؟
السفير: لا أريد أن أعبر عن رأيي علنيا, حول أين تقع المسؤولية.
سؤال 136 الرئيس: قبل أن أدعو أعضاء آخرين, هل أستطيع أن أقترح شيئا؟ أعتقد أنك تود مشاركة المزيد مع اللجنة لكن ربما ليس في جلسة علنية. بموافقة اللجنة, بعد انتهاء هذه الجلسة, أود الانتقال إلى جلسة مغلقة. سنفرغ الغرفة ونتحدث. هل ترحب بذلك؟
السفير: أقدر ذلك.
سؤال137 دانيال كاوزينسكي: لقد أشرت إلى دايتون-
السفير: بشكل توصيفي.
دانيال كاوزينسكي: فكرت أيضا باتفاقية لانكستر اشوس وروديسيا, إذا لم تنجح الحوارات, فهل على المملكة المتحدة أن تشجع حوارات كلانكستر هاوس لمحاولة تحقيق ما عجزت الأمم المتحدة عن تحقيقه؟
السفير: سأكون مرحبا لذلك, للأسباب التالية. لسنوات بعد الثورة, سمعت باستمرار من الليبيين, وبشكل تراكمي فلا أعتقد أنها مجاملة, أنهم يثقون بالمملكة المتحدة ويودون أن تتولى دور القيادة, هناك رغبة كبيرة لأن تلعب المملكة المتحدة هذا الدور عوضا عن المرشحين الآخرين للقيادة.
أعتقد أن هذا سيكون مقبولا في ليبيا, سيكون من الصعب تحديد كيف سيكون ذلك قابلا للتطبيق, في سياق, كما قلت, أن أعطيت الأمم المتحدة مسؤولية قيادة المفاوضات. سنحتاج إلى عناية فائقة لنعرف كيف نحقق ذلك. عودة إلى المفهوم الضمني لسؤالك, إذا كنا سنقبل هذه المسؤولية فعلينا أن نتقبل ترجيح احتمالية الحاجة لإجراءات تنفيذية.
سؤال138 دانيال كاوزينسكي: مع كل احترامي للسيد ليون وجهوده, أنا متأكد أنه يقوم بعمل ممتاز, ولكنه ليس رب المنزل بأي شكل من الأشكال. إذا فشل, وأتمنى أن توافقني الرأي, أعتقد أن المملكة المتحدة , أخذا بعين الاعتبار دورها في تحرير الدولة، النظرة الحسنة التي ينظر بها الليبيون إليها, ستكون قادرة على تحصيل شخص صاحب مكانة عالمية, محترم من قبل الليبيين والمجتمع الدولي, لجمع كافة الأطراف حول الطاولة ووضع اتفاقية بشكل ما.
السفير: شاركت بحوار مع ليبي حول هذا الموضوع بالضبط, في وقت سابق اليوم.
سؤال139 دانيال كاوزينسكي: هذا ما كتبت لرئيس الوزراء بشأنه , قائلا إنه ما علينا القيام به إذا فشل ليون.
السفير: نقطتان؛ متى تعلن الفشل؟ لقد كان لدينا عدد من المواعيد الأخيرة, لم أعد أذكر عددها, ولكن الموعد يتم تمديده دائما. من الواضح أن هنالك رغبة قوية من المجتمع الدولي لمتابعة المفاوضات السياسية مهما حصل. بالرغم من مرور آخر موعد, أظن أنهم ما زالوا مستمرين في العملية, وإن كان ذلك يطرح أسئلة مهمة حول من لديه سلطة شرعية في ليبيا اليوم. فمتى تعلن الفشل؟
ثانيا, أعود إلى السؤال, إن كنا سنقبل مسؤولية القيادة هذه, وأنا أتفق معك على أن كثيرين في ليبيا سيكونون سعيدين إذا ما اتخذت المملكة المتحدة دورا قياديا, سيأتي مع ذلك التزامات محتملة.
سؤال140 دانيال كاوزينسكي: في النهاية, هناك شيء أردت أن أقوله لك. عندما كنتَ سفيرا, وتقوم ببناء مستقبل ليبيا, واستقرارها وإجماعها, أتمنى أنك قد ضغطت على السلطات لأجل عدم إعدام أشخاص مثل السنوسي وسيف القذافي.
السفير: لقد قمت بذلك في هذا السياق، وفي سياق سابق في العراق في حالة صدام. بالنسبة للسنوسي, فلم أكن موجودا وقت اعتقاله, فكان في حالة سيف فقط.
سؤال141 مايك غيبز: أريد العودة إلى تعليقك حول لعب المملكة المتحدة دورا محوريا ومركزيا. لقد قلت إن ذلك يأتي مع التزامات محتملة. بما أنك قلت سابقا إن هناك حاجة لقوات تحقيق الاستقرار, هل نتكلم عن عملية مفاوضة تشمل آلية تتطلب قوة وسلطة ليست متوفرة في ليبيا حتى الآن؟ هذا يثير جميع أنواع المضامين السياسية. موازاة هذا مع دايتون لا ينفع, لأن الولايات المتحدة كانت طرفا قويا وفعالا على الرئيس الصربي ميلوسفتش, والجميع كانوا يواجهون مسدسا مصوبا نحو رؤوسهم. المتغيرات الداخلية لصرب البوسنة والكروات على نحو أنهم يعرفون أن هناك سلطة, وأن الولايات المتحدة تمتلك سلطة. المشكلة الكبرى هنا بالتأكيد هي غياب السلطة. اتخذنا قرارا بالقصف, ولكن ليس بوضع قوات على الأرض. الاتحاد الأوروبي لعب دورا هنا, ولكن بدون القوة على الأرض, وهذا أحد أسباب أزمة اللاجئين الحالية, وقدوم الناس عبر البحر الأبيض المتوسط للسبب نفسه. هل تتفق معي؟
السفير: نعم, أتفق معك. لقد كانت مرافعتي لفترة من الوقت, أنه في سياق أي اتفاق سياسي, فإن الوثيقة غير القابلة للتطبيق, أسوأ من الوضع الحالي. لقد رفعنا سقف توقعاتنا بحل يوجد حكومة لنفاجأ بعنف أشد عند أول هجوم على الحكومة التوافقية ـ وهو أمر متوقع لأن البعض سيكون معارضا للاتفاق ــ, ولا تستطيع أن تثق بقدرتهم عل مقاومة الهجوم. ولذلك, إن لم نكن مستعدين للدفاع عنهم, فسوف نفشل.
سؤال142 مايك غيبز: لقد أكدت في إجاباتك السابقة أن عملية حكومة الوفاق الوطني هذه ليست سهلة التطبيق. إذا فشلت, وأصبح من المستحيل إنشاء حكومة وفاق وطني, فهل هناك خطة بديلة؟ بإجابتك السابقة قلت أن الدولة قد تنقسم, هل نتحدث عن الانقسام إلى دولتين, أم مراكز, أم شيء أكثر انقساما من ذلك؟
السفير: قد تنقسم إلى دولتين. من غير الواضح إلى أين سيتوجه الجنوب, ولكن هناك افتراض منطقي أنهم سيحالفون الغرب في السياق الحالي, فقد تنقسم إلى قسمين فقط. لا أريد أن أبالغ في خطر الانقسام في الدولة, ولكن إذا فشلت العملية السياسية في أعين الناس في الشرق, والناس في الغرب, نعم أنا واع لأن رد الفعل لذلك سيكون أكثر حدة من الجهتين لترك الأخرى تذهب في طريقها.
هل هناك خطة بديلة؟ لستُ الشخص الذي عليكم أن تتوجهوا له بالسؤال.
سؤال143 مايك غيبز: إذا كانت هذه هي النتيجة, فهل نستطيع القول بأن الشعب الليبي جميعا كانوا سيكونون بوضع أفضل إن لم يحصل أي تدخل وكان نظام القذافي المروع والوحشي لا يزال قائما؟
السفير: لا, لا أعتقد ذلك.
سؤال144 مايك غيبز: فإذن, حتى الدولة الفاشلة والانقسام, أفضل من القذافي.
السفير: إذا تمت إدارة القسمين والتوصل إلى تسوية مؤقتة, فالدولة المنقسمة تفضلُ على قذافي قائم على دولة موحدة.
سؤال145 مايك غيبز: ولكن استمرارية الصراع حول دولة لا توفر حلا, والجميع يتعارك حول الكعكة بأكملها بدل الموافقة على تقسيمها, ربما إلى أجل غير مسمى, هل هذا أسوأ؟
السفير: أنا لست ليبيا, ولا تستطيع توجيه هذا السؤال إلا لليبي, ولكن الليبيين الذين تحدثتُ معهم يفضلون عدم وجود القذافي.
مايك غيبز: حتى الآن.
السفير: كما ســ… كلاّ…أكمل.
مايك غيبز: كما سيفضل العراقيون.
السفير: كما سيفضل بعض العراقيين.
مايك غيبز: الشيعة والأكراد على الأقل, نعم, لقد سمعت ذلك, أنا أتفهم ذلك. شكرا جزيلا لك.
سؤال146 الرئيس: لدي سؤال واحد أخير إن سمحت لي, قبل أن نذهب إلى الجلسة الخاصة. أعتقد أنه من الموافق عليه عامة أن تدخلنا لم يجر كما خُطط له بالنظر إلى الأحداث التي تلته. وقد تطرقنا كلجنة إلى جوانب مختلفة من هذه الأحداث, من ظهور الجهاديين المتطرفين إلى الحرب الأهلية الوحشية والخسائر. لقد أجبت عن سلسلة من الأسئلة من أعضاء اللجنة, ولكن إن طلبت منك أن تلخص بإيجاز وتعطينا لائحة بترتيب الأولويات, حول سبب انحراف الأحداث نحو هذا الاتجاه ولم تحدث كما خطط له؟ وأشدد, بأكثر إيجاز ممكن, لأنني أريد أن أنتقل إلى جلسة خاصة.
السفير: الأسباب تتعلق بإعطاء مسؤولية إعادة إعمار ليبيا للأمم المتحدة, ونهج تعامل الأمم المتحدة مع ذلك, ــ نتفهم بعمق نهجها ذاك ــ مما خلق مشكلة امتدت إلى حد أنه لم يكن هناك نهج إرشادي لحكومة ليبية تعوز للكفاءة. ولم يكن هناك نفوذ فعال من قبل مجتمع دولي مستعد لتقديم هذا الدعم, فالمشكلة الأولى كانت تشكيل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي القائم على إعادة الإعمار.
في وقت سابق لتكليفي بالسفارة, كان هناك أخطاء مبكرة من قبل القيادة الليبية بإعطاء الميليشيات دورا في تأسيس أمن الدولة, وهو ما تكرر مجددا حين سقطت طرابلس في أغسطس وفي أكتوبر 2011 حين كان هناك مجلس أمني أعلى، والذي أصبح مركز عمليات الميليشيات الإسلامية, وبذلك حصلوا على مدخل ونفوذ في عاصمة الأمن . ولذلك كنا نقوم ببناء وزارة داخلية ووزارة دفاع، في سياق وجود عملاء داخل هذه الوزارات مصممين على عدم السماح بإنشاء مؤسسة وطنية, لأن مصالحهم تخدم بشكل أفضل بوجود عناصر متفرقة مخلصة لأشخاص آخرين.
عدم قدرتنا على تصحيح ذلك أتت من عدم قدرتنا على إقناع الميليشيات بالالتزام. كانت الخطة أن ندفع لهم رواتب من الحكومة المركزية مقابل أن يقدموا الولاء للحكومة المركزية بدل قائد الميليشيا أو قائد الفصيلة. بشكل جماعي, فشلت القيادة الليبية والمجتمع الدولي في إدارة ذلك, لأسباب عديدة. حالما خسرنا السيطرة على الميليشيات, وأعتقد أن آخر رقم كان 200,000, وهو رقم هائل لعدد المتلقين للرواتب لتوفير الأمن, أصبح من الصعب جدا توفير الظروف لتستطيع أي نوع من الحكومات أن تمارس دورها كإدارة تنفيذية, في حال أخذ رئيس الوزراء أو أحد نوابه كرهينة من قبل القوات المسلحة, وهو ما يحدث بانتظام.
وأعتقد أيضا أن هناك المزيد الذي حصل بعد رحيلي, وسمعت هذا في إشاعات فقط, ولكنه منطقي. حين قتل السفير الأمريكي كريس ستيفينز, وخرج الناس إلى الشوارع للتظاهر ضد نشاطات الميليشيات, أعتقد أن تلك كانت لحظة كنا قادرين فيها على عكس التيار لو أن المجتمع الدولي دخل أوضح أنه سيقوم بدعم الشارع وحماية الحكومة من نشاطات الميليشيات.
سؤال147 الرئيس: رد مختصر جدا إذا سمحت. يبدو أن بعض أجوبتك مرتبطة بموضوع رئيسي وهو, نقص في الفهم لما يحصل على الأرض. وهذا هو بالتأكيد, الانطباع الذي أعطاه عدد من الشهود الآخرين-
السفير: سأقول إنه نقص وقلة دقة في القدرة على تحديد كيف سيكون رد فعل الناس. أعتقد أنها مشكلة إنسانية وليست متعلقة بالبيانات.
الرئيس: عظيم. هل بإمكاني أن أشكرك علنيا لوقتك, سير دومينيك؟ سننتقل الآن إلى جلسة خاصة, وأخشى أن على الجميع المغادرة, باستثناء اللجنة, الشهود, وطاقم اللجنة.