اشتباكات طرابلس … سيناريوهات مظلمة
بات كلا الطرفين في طرابلس ينظران إلى الحرب على أنها وجودية، ويرفضان الدعوات لوقف إطلاق النار غير المشروط، فمن جهة تطالب الوفاق بانسحاب قوات الجيش إلى شرق ليبيا؛ ومن جهة أخرى يريد الجيش السيطرة على العاصمة وطرد المجموعات المسلحة منها، وقد قام كلا الطرفين بتنشيط دورة من التعبئة الداخلية والخارجية تنذربنزاع طويل الأمد بالوكالة عن دول إقليمية .
يرى مركز كرايسيس غروب للأزمات الدولية في تحليله للوضع في طرابلس أن على كافة الأطراف ومؤيديهم الخارجيين أن يعترفوا بأنه لا يمكن لأي طرف أن يسود عسكريًا وأن يتوقفوا عن إشعال النيران أكثر ويجب عليهم إبرام اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار يستلزم انسحابًا جزئيًا لقوات حفتر من الخطوط الأمامية لطرابلس ومنح الأمم المتحدة فرصة لإعادة محادثات السلام، رغم المطالبات التي تجاهلها الجانبان من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن .
ومع استمرار القتال ظهر جليا فراغ دبلوماسي دولي بشأن ليبيا حيث فشلت البعثة الأممية في احتواء طرفي النزاع إضافة لفشل مجلس الأمن المتكرر في إصدار بيان موحد بشأن الحرب في طرابلس، وأخيرا الولايات المتحدة التي تغير موقفها بتغير تقدمات أي من الطرفين حتى ظهر ترامب داعماً لحفتر، إلا أن مركز الأزمات الدولي رأى أنه يتعين على الولايات المتحدة على وجه الخصوص إعادة ضبط نهجها تجاه الأطراف من خلال إعادة تأكيد دعمها لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً والضغط على الجانبين لقبول وقف إطلاق النار الخاضع للمراقبة الدولية والعودة إلى المحادثات يمكن لواشنطن أن تحدث فرقًا ملموسًا من خلال دفع الطرفين نحو اتفاق حول كيفية إدارة الشؤون المالية للدولة وإعادة توحيد المؤسسات.
وقد بات من الخطير السماح للمعركة من أجل طرابلس بالتقدم دون بذل جهد موثوق لدفع الطرفين إلى وقف إطلاق النار حيث بات من الممكن أن يتصاعد النزاع مدفوعًا بدعم أجنبي ليصل إلى منحنى خطير، الأمر الذي سيتسبب في دمار مادي هائل ومعاناة بشرية في العاصمة والمناطق المحيطة بها والذي سيؤدي في النهاية إلى الدخول في دوامة عنف قد لا تنتهي قريباً.