استقالة السراج المشروطة.. مناورة أمام الإسلاميين والأتراك
ربط رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، استقالته من منصبه بتحقيق شيء صعب، فمن غير الممكن تشكيل حكومة موحدة في أكتوبر القادم، وحتى في اتفاق الصخيرات وكانت حينها الظروف أقل تعقيدا، استغرق المجلس الرئاسي أكثر من 13 شهرا لتشكيل حكومة الوفاق.
وبالنظر إلى المعطيات التي أوردها السراج، في خطاب الأربعاء، يخرج استنتاج واحد هو أن السراج يناور بالاستقالة، وحسب المعلومات فقد استخدم السراج “استقالته” للمناورة في الاجتماعات المغلقة، واليوم يستخدمها أمام الجميع بسبب تغول الإسلاميين وموقف الأتراك في قضية وزير الداخلية فتحي باشاغا.
خطأ محمد عماري
ويعتبر الشيء الوحيد الذي قد يؤكد جدية السراج في الاستقالة هي كلمة عضو المجلس الرئاسي، محمد عماري زايد، والتي سبقت خطاب السراج بساعات قليلة، ولوح فيها بأخطر أنواع الشرعية، عندما تكلم عن “شرعية البنيان المرصوص وبركان الغضب” (شرعية السلاح) التي تعزز شرعية الاتفاق السياسي.
ووقع عماري في خطأ عندما تكلم على أن الشرعية لا تتوقف على أشخاص، إذا إن المادة الرابعة من الاتفاق السياسي تنص على حل كامل الحكومة إذا استقال رئيسها أو أصبح المنصب شاغرا لأي سبب، وتأتي كل هذه التطورات في وقت ينتظر فيه الإسلاميون استقالة السراج للسيطرة على كل شيء.
إجبار السراج على الاستقالة
في الجانب الآخر، ينتظر مناصرو القيادة العامة للجيش الوطني والمحسوبون عليها استقالة رئيس الحكومة الليبية عبدالله الثني، ومع ذلك فإن الاستقالات حتى الآن غير جدية، لأنها لم تقدم بالأساس، وظلت في إطار المناورة والتلويح.
ومن المرجح أن يعود المشهد الليبي لعام 2013 و2014 مع اللاعبين الأساسيين في الأزمة، لكن المختلف الآن أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الرئاسي خالد المشري، لن يكون لهما خيار أفضل من التوافق والتوقيع في نهاية سبتمبر واستباق الوقت.
وإذا توافق المجلسان على فتح وتعديل الاتفاق السياسي، فإن السراج لن يكون له خيار سوى القبول بالخطوة، بالتالي تسليمه للسلطة سيكون إلزاميا وليس موقفا نوعيا.
مستقبل الاتفاقيات مع تركيا
وبشأن مستقبل الاتفاقيتين (الأمنية والبحرية) التي أبرمتهما تركيا مع حكومة الوفاق، نجد أن السراج لم يوقّع على أي منهما، إذ وقّع وزير خارجية الوفاق محمد سيالة على الشق البحري، ووزير الداخلية فتحي باشاغا على الاتفاقية الأمنية، وبالتالي لن تتأثر هاتين الاتفاقيتين باستقالة السراج، خصوصا أن الإسلاميين متأهبين في المنطقة الغربية ولديهم القدرة على حماية مصالح الأتراك.
ومع كل ما سبق، فإن الشيء الذي ربما يغير حسابات كثيرة، نجاح الشارع في بنغازي وطرابلس في تحقيق مطالبه ومواصلة الضغط على الحكومات والأجسام السياسية.
ولن يمثل غياب السراج مشكلة للمجموعات المسلحة، لأن “تحالف الوفاق” يتمتع بميزة “غياب مركزية القوة”، فهي موزعة على مراكز مختلفة في المنطقة الغربية، ومناصرو السراج لديهم القدرة على التحول والانضمام والالتحام مع شخصيات أخرى.