“إيكونومست” ترصد تداعيات وتكهنات حادث مانشستر
218TV.net ترجمة خاصة
ترشح تفاصيل تفجير مسرح مانشستر شيئًا فشيئًا: أعلن تنظيم الدولة “داعش” مسؤوليته عن الهجوم، وأثبتت الشرطة أنّ الحدث المميت الذي شهده مساء الاثنين نفذّه انتحاري منفرد ، فجّر عبوة ناسفة يدوية الصنع محشوة بالشظايا في صالة مكتظة. يحمل اسم سلمان عبيدي، من مواليد مانشستر ويبلغ من العر 22 عامًا من عائلة ذات أصول ليبية. كما أُلقي القبض على شاب يبلغ من العمر 23 عامًا في ضواحي مانشستر له صلة بالجريمة. ونُشرت على الانترنت صور “قيل” إنّها لأول الضحايا الصغار والمفقودين ممن كانوا في الحفل.
أما الباقي فلا يعدو أن يكون تكهّنات. مع ذلك أعاد اختيار حفل “بوب” كهدف للهجوم أصداء مجزرة مسرح الباتكلان في باريس في نوفمبر من عام 2105. فيما يبدو ممارسة اعتيادية للإرهابين المدفوعين بإلهام من داعش والقاعدة في محاولة استهداف الأماكن التي تُقام بها فعاليات ترمز –باعتبارهم- لفساد الثقافة الغربية. ناهيك عن أنّ معرفة أنّ عددًا كبيرًا من ضحايا مثل هذا الهجوم سيكون من المراهقين سيشجّع الجناة أكثر لما يضفيه من بعدٍ يثير الرعب.
لاسيما، أنّ الأمر الوحيد الباعث على الاطمئنان بالنسبة للسلطات البريطانية ، عدم وجود رجال مسلحين يحملون أسلحة أتوماتيكية ، كما حدث في باريس، ليحصدوا مزيدًا من الأرواح أثناء فرارهم من مكان الهجوم. وما هذا إلّا من حسنات قوانين الأسلحة النارية الصارمة في بريطانيا، كما أنّه إشارة على افتقار الخطط إلى التعقيدات.
لكن هذا لا يعني أنّ قوات مكافحة الإرهاب البريطانية لم تكن تعرف القاتل، ولا حتّى أنّه كان يعمل وحده. كان جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI15) لديه تحذيرات بمراقبة ما يصل إلى ثلاثة آلاف شخص ممن يُفترض أنّهم متدينون متطرّفون، غير أنّ ما تملكه من المصادر لا يكفي إلّا لمراقبة حوالي أربعين منهم فقط، إذ تحتاج مراقبة مشتبه به واحد لمدة أربع وعشرين ساعة إلى 18 ضابطًا. أضف إلى ذلك القوانين الصارمة المتعلقة بطول المدة التي يجب أن تستمر بها المراقبة المشدّدة على أي فرد.
نتيجةً حتميةً لذلك، كثيرًا ما يفلت بعض الأشخاص ممن يتبين لاحقًا مدى خطورتهم، من رقابة حتى الأجهزة الأمنية البريطانية المجهّزة بمصادر جيدة نسبيًا. إذ لا يخفى النطاق المهول للتهديد الذي عليهم التعامل معه. ففي غضون 18 عشر شهرًا حتى مارس من هذا العام، أُحبط 12 مخططًا إرهابيًا على الأقل، طبقًا لدومينيك غريف،
نُفذّت العديد من الهجمات التي حدثت مؤخرًا بأيدي ما يُطلق عليه “الذئب المنفرد”، في إشارة إلى أفراد تشددوا ذاتيًا ونفذّوا العمليات باستخدام أي سلاح يقع في أيديهم. ففي 22 من مارس، قتل خالد مسعود البالغ من العمر 52 عامًا ، وهو بريطاني اعتنق الإسلام، خمسة أشخاص وسط لندن باستخدام سيارة مستأجرة وسكين مطبخ. أمّا هجوم مانشستر التفجيري فيرجّح أن الجاني تلقّى مساعدة. على الرغم من وجود العديد من المواقع الإلكترونية التابعة للجهاديين والتي تحوي تعليمات عن كيفية تصنيع قنبلة يدوية الصنع، فعملية صنع واحدة صغيرة بما يكفي لإخفائها في حزام المفجّر الانتحاري أو سترته لتنفجر لاحقًا في الوقت المناسب ليست بهذه السهولة.
إن لم يكن مفجّر مانشستر جزءًا من خلية إرهابية تعمل في بريطانيا، فلا بدّ أنّه اكتسب الخبرة اللازمة لتنفيذ الهجوم في مكان آخر. غادر بريطانيا حوالي 800 شخص ليلتحقوا بجماعات جهادية مختلفة في سوريا ومن المعتقد أنّ أكثر من 400 منهم قد عادوا. أي أنّ بعضهم تلقّى تدريبات وأصبحوا مقاتلين عُتاة يملكون مهارات ودوافع لتنفيذ هجمات تحصد أرواح حشود غفيرة في موطنهم. إن كان هذا الوصف يتسق مع منفّذ هجوم مانشستر، فلا بد أن أسوء كوابيس الأجهزة الأمنية قد تحقّق.
أمّا بالنسبة للتكهنات المتعلقة بتوقيت الهجوم، فقد أشار البعض إلى توافق مع الذكرى السنوية لمقتل الجندي البريطاني، لي ريغبي، قبل أربع سنوات مضين في شارع جنوب شرق لندن. كما أنّه من المحتمل أن الهجوم كان يهدف إلى إفساد الانتخابات العامّة التي ستجري في 8 يونيو القادم، وذلك بالرغم من عدم وجود يمين متطرف في بريطانيا قد يستفيد من مثل هذا الأمر.
لكن هذا لا يعني أنّ الهجوم ليس له تداعيات على الانتخابات تتجاوز تعليق الحملات الانتخابية مؤقتًا. فبغض النظر عن تقصيرات تيريزا ماي الأخرى، بعد ست سنوات قضتها في مكتب وزارة الداخلية، يمكنها تقديم نفسها “كرئيسة وزراء أمنية”. في مقابل ذلك، يملك قائد حزب العمال المعارض، جيرمي كوربين، سجلًا من التعاطف من الجيش الجمهوري الإيرلندي، كما أنّه وصف أعضاء من حماس وحزب الله “بالأصدقاء”. أظهرت الاستطلاعات مؤخرًا أنّ هامش تقدّم السيدة ماي على السيد كوربين قد تقلّص عقب إطلاق الحزب المحافظ لبيانه الانتخابي الأسبوع الماضي. لكن مع عودة الإرهاب إلى عناوين الآخبار، قد ينزلق هذا الهامش ويحسم النتيجة