“إشارات مرعبة” من واشنطن.. تجاه الملف الليبي
218TV | خاص
أمضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى الآن في مكتبه البيضاوي داخل البيت الأبيض أكثر من عامين وشهرين، لوحظ خلالها أنه لم يفكر بأن يفتح ملف الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية في ليبيا ليقرأ منه، وهي الأزمة التي تبادر منصات دولية وإقليمية لـ”فتح ثقوب” في جدار “استعصائها السياسي” منذ عام 2011، لكن ترامب وفريقه السياسي والدبلوماسي والاستشاري لا يقتربون من الملف الليبي أبدا، دون أن يعرف الليبيون ما إذا كانت “إدارة الظهر الأميركية” لأزمتهم “ميزة أم خطر”، في ظل تناول الإدارة الأميركية للعديد من ملفات الأزمات حول العالم، وبعضها يقل خطورة عن أزمة ليبيا.
ليبيا كانت حاضرة بقوة في أجندة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وفي أجندة شخصيتين سياسيتين شغلتا في ولايته منصب وزير الخارجية، وهما على التوالي هيلاري كلينتون، وجون كيري، فقد تابعت كلينتون من دائرة تلفزيونية خاصة “المصير المحتوم” للعقيد معمر القذافي في أكتوبر 2011، قبل أن يُقرّر أوباما في “خطبة الوداع” عام 2016 القول معترفا أن قراره بالتدخل في ليبيا في مارس 2011 كان “أسوأ أخطاء” إدارته، علما أنه سمى مبعوثا خاصا لليبيا، هو جوناثان واينر الذي لا يزال يغرد عن الحال الليبي على موقع التدوين المصغر “تويتر”.
“إشارات مرعبة” أرسلها ترامب لليبيين، إذ رفض في وجبة التعيينات الدبلوماسية مع بداية عمل إدارته تسمية بديل لواينر ليكون مبعوثا خاصا لواشنطن إلى حقل الأشواك الليبي، فيما ترسل عواصم الثقل الدولية مبعوثيها الخاصين، ووزرائها إلى ليبيا لمعاينة “قياسات وعمق” الأزمة السياسية في البلد الأفريقي الذي ستُشكّل أي انتكاسة أمنية أو عسكرية فيه “فوضى عارمة” على الشواطئ لأكثر من دولة أوروبية، وسط مخاوف من أن تتسلل تنظيمات إرهابية دولية إلى قلب أوروبا مستغلة “الفوضى الليبية”.
ومن الإشارات الأميركية أيضا، هي إصرار إدارة ترامب على أن يكون “تمثيلها السياسي” في مؤتمرات دولية عُقِدت لتدارس أزمة ليبيا منخفضا جداً، خلافا لعواصم أوروبية كانت تدفع بـ”شخصيات الصف الأول” إلى المؤتمرات الخاصة بليبيا، ففي مؤتمر باليرمو الذي استضافته إيطاليا في شهر نوفمبر الماضي لمناقشة الأزمة الليبية لوحظ أن واشنطن قد أوفدت دبلوماسيا من رتبة سفير في وزارة الخارجية هو ديفيد ساترفيلد ليمثلها، فيما أوفدت دولة عظمى مهتمة بالشأن الليبي مثل روسيا رئيس وزرائها ديمتري ميدفيديف لحضور باليرمو، في حين أوفدت فرنسا المشتبكة مع إيطاليا على النفوذ في ليبيا وزير الخارجية جان أيف لودريان.
لا تتوقف الإشارات الأميركية التي تقول لليبيين بأنها ليست مستعدة بعد للتدخل في الملف الليبي، خصوصا مع “زحمة الملعب الليبي” بـ”لاعبين وطبّاخين”، وهناك من يقول إن أميركا تحاول “قراءة متأنية” للمشهد في ليبيا، لمعرفة ما إذا كان “الدب الروسي” سيتدخل في ليبيا أم لا، كي لا تتكرر “الخيبة الأميركية” كما حصل في سوريا، حين أسفر تدخل موسكو عن “انسحاب أميركي” سياسيا وعسكريا من الملف السوري.
يقول ليبيون إن الإشارات الأميركية، والتي تشبه “نفض اليدين”، لها معنى وتفسير واحد لم يفهمه الليبيون بعد، ومعناه: “اقلعوا أشواككم بأيدكم”.