“أُمّية البروتوكول” في ليبيا..ركّبت مواقف سياسية “خاطئة”
218TV| خاص
في بلاد اخترق فيها العقيد معمر القذافي على مدى أربعة عقود سائر أشكال وتقاليد “البروتوكولات” داخل ليبيا وخارجها، أصبح المواطن الليبي معذرواً في عدم فهم أو تقبّل العديد من قواعد البروتوكول حول العالم، وفاته في زحمة الأحداث السياسية المرتبطة في ليبيا في السنوات السبع العجاف الماضية أن العديد من الدول حول العالم “تُوقّر” البروتوكول، كما تُوقّر العقيدة، وأن هذه القواعد لا يمكن القفز عنها، ولا يمكن الالتفاف عليها لتوجيه “رسائل سياسية مُشفّرة” في أي تجاه، هذا أمر مُحرّم في “عقيدة البروتوكول”.
في ليبيا بشكل خاص، وحول العالم في مناطق عديدة يجري تركيب مواقف سياسية خاطئة، ولا يمكن “تسييلها” في السياسة استنادًا إلى صور ومقاطع فيديو من استقبالات قادة عالميين لنظراء لهم، فكثير من الأخبار والتقارير والانطباعات، وفي أحيان أقل مواقف على مشاهد ولقطات فُهِمت على نحو خاطئ، وسلك هذا الطريق بعض المحللين وكُتّاب المقالات، في ظل “أُمّية حقيقية” في قواعد البروتوكول، وهي قواعد تختلف من بلد إلى آخر، إذ أظهرت العديد من الصور الرؤساء الفرنسيين وهم يضعون رِجْلاً فوق الأخرى أمام قادة عرب وإسلاميين، فكثير من التحليلات العربية كانت تظن أن الأمر ينطوي على إهانة للضيف، وكانوا يجهلون أن هذه العادة هي “بروتوكول ثابت”، حتى لو لم يكن “ساكن الإليزيه” يحبها أو يتقنها، فهي طبقا للبروتوكول تشير إلى “الرصانة والذوق واللباقة”، لكنها وفق لتقاليد عربية عادة تشبه “العيب”.
ليبياً، فزيارة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج إلى واشنطن جرى اعتماد معايير البروتوكول بصرامة بصرف النظر عن الزائر، فاستقبال دونالد ترامب على عتبة المكتب البيضاوي هو تقليد للرؤساء الأميركيين، حتى لو كان الضيف وزيرا للخارجية، أما الاستقبال في البيت الأبيض فله بروتوكول آخر، كما تجدر الإشارة إلى أن استقبال السراج في المكتب البيضاوي لم يكن بصفته رئيسا لليبيا، فالأعلام والمؤتمرات الصحفية تُعْقد لرؤساء الدول، وهذا يعني أن السراج لم توجه إليه أي “إهانة أو إساءة” أميركية، إنما طُبّقت قواعد البروتوكول أيضا.
ليبياً أيضا، لوحظ أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حينما استضاف السراج، والقائد العام للجيش الوطني في يوليو الماضي، فقد ساوى بينهما في السير بينهما قبل الدخول إلى قاعة التفاوض، لكن لوحظ أثناء المؤتمر الصحفي “تقدم طفيف” للسراج على حفتر في الاهتمام، وفي هذا الإطار تشرح أوساط عارفة بـ”البروتوكول الفرنسي” بالقول إن باريس دعت السراج وحفتر بصفتيهما الليبية، وكان من الطبيعي أن يُوازن بينهما قبل التفاوض وقبل بدء المؤتمر الصحفي، نظرا لتعادل صفتهم في الداخل الليبي، لكن حينما بدأ المؤتمر الصحفي راعت قواعد البروتوكول أن يتقدم السراج كونه يحمل الصفة السياسية، والتي تعترف بها باريس، وأيضا ماكرون يحمل “صفة سياسية”.
قواعد البروتوكول غالبا تتدخل أيضا في الألوان التي يرتديها القادة في اللقاءات مع الضيوف الأجانب، والمناسبات الداخلية، أضف إلى ذلك هناك قواعد بروتوكولية تخص المآدب التي تُقام للضيوف، وهذا يعني أن “الكرواطة السوداء” التي ارتداها ماكرون خلال لقاء السراج حفتر لم تكن مجرد “لون عابر”.