أنت لست مطالباً بمعرفة كل شيء عن السياسة
جوناثان برنستين
نشر الكاتب الصحافي والمدون كيفين درام مرة مقالا عن المعلومات المغلوطة، ذكر فيه أنه تحدث إلى صديق في حقل الإعلام لديه بعض المعلومات الخاطئة على الرغم من كونه شخصاً في قمة الذكاء، ولم تكن لديه ولاءات حزبية ولا انحياز لفئة سياسية بعينها. وتعجب درام عما إذا كان ذلك يمثل نوعا من الفشل الإعلامي. بالنسبة لي، أرى الأمر كذلك، لكن هذا هو الوضع الطبيعي للسياسة.
فأغلب الناس لا يقضون الكثير من الوقت في التفكير في السياسة وفي الشؤون العامة. لكن أحيانا يركزون في أمر ما عندما يكون هناك حدث جلل، لكن حتى وإن حدث ذلك فإنهم لا يفعلون ذلك بطريفة منظمة.
ليس هناك خطأ في ذلك، فالناس لا تزال قادرة على اتخاذ قرارات انتخابية صائبة. في أغلب الانتخابات، كل ما يحتاجه الناس هو بعض الوعي الذاتي (كيف أبدو؟ أي جماعة أنحاز لها؟)، وبعض الوعي السياسي (لمن سيعطي الناس مثلي أصواتهم؟) فليس هناك حاجة لأن تعرف مثلا أن سياسة الرئيس دونالد ترمب بشأن كوريا الشمالية قد أسفرت عن نتائج، أو ما إذا كانت حرب تجارية ستكون مفيدة أو ضارة للناس. فكل ما تحتاج إلى معرفته هو أنه في حال فكرت في نفسك مثلا كصاحب مشروع تجاري صغير، أو كرجل أسود، أو كمسيحي بروتستانتي، أو كمؤيد للمساواة بين الجنسين، فلمن ستعطي صوتك؟
إن كان هناك ما تهتم به بحماس وكان لديك اهتمام شخصي ودفعك ذلك إلى لعب دور نشط في الحياة العامة، حينها سيتعين عليك قراءة ما يخص هذا الشأن. لكن غالبيتنا لا يفعل ذلك عندما يتعلق الأمر بأغلب القضايا السياسية، ولذلك لا نشعر مطلقا بالحاجة إلى تعلم المزيد لأغراض سياسية.
لكن هذا لا يعنى أننا لا نعلم شيئا. فما نعرفه ليس سوى مجموعة مبعثرة عشوائية من الحقائق بعضها قد عفى عليه الزمن، وأشياء ليس من المجدي أن تبدأ بها، وأشياء قد نسينا تفاصيلها، وأشياء بدأت ملائمة وتبين أنها سخيفة، وبعض الأشياء الخاطئة التي بدت دقيقة وأنها صدرت عن مصدر موثوق، بينما الحقيقة غير ذلك.
بالنسبة لمن نالهم قسط متواضع من التعليم وقليلي الاهتمام به، السياسة ليست أكثر من ضجيج في أغلب الأوقات. لكن لديهم قليل من المعرفة التي تجعلهم يحسنون التصويت بأن يعلموا كيف يصوت غيرهم من الناس على شاكلتهم ولمن يعطون أصواتهم.
يبدو ذلك قريب الشبه من علمي مثلا بفن الباليه أو الأوبرا أو سباق السيارات. فأنا أعلم بوجود كل ذلك، وأعلم بعض الأسماء والأحداث المتعلقة بها، لكنها تبدو ضبابية بالنسبة لي.
مرة أخرى، ليس هناك ما يمكن أن نعتبره خطأ في ذلك، لكن مزيجا من التصويت الحزبي وبعض المشاركة التي تنطوي على قدر من المعرفة بمن نختار ربما تثمر حكومة رشيدة من وسط الناس ولصالح الناس، أو ربما تصبح كذلك لاحقاً.