أماني الليبيين في 2019.. بين الممكن والمستحيل
تقرير خاص| 218
أطل العام 2019 على الليبيين وقد ودعوا عاما شهد أحداثا مفزعة على جميع المستويات وخاصة الأمنية منها، فيما تتمنى الذاكرة الليبية لو أمكن محو اللقطات الموحشة من عام 2018 والإبقاء على بصيص الأمل الذي تتمسك فيه لآخر رمق.
عام انقضى وحُسِب على الليبيين من سنين الانقسام والمراوغة على حساب تردي حال المواطن، فيما يأتي عام جديد مع أماني بأن يستفيق ضمير المسؤول عن الواقع المرير، وتعلو فيه مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، ويشهد طي صفحات سوداء أبت إلا أن تُكرر نفسها 8 سنوات.
السياسة
يترقب الليبيون هذه الأيام تحديد موعد دقيق للملتقى الجامع الذي تعتزم البعثة الأممية إقامته مطلع العام الحالي، لجمع أكبر قدر من القادة والمؤثرين في المشهد والخروج برؤية سياسية تُنهي الجمود السياسي وتخرج بقرارات قد تكون مفصلية في تاريخ ليبيا.
إلا أن تأخر تحديد موعد الملتقى والمكان والأشخاص المدعوين يزيد من الشكوك حول قدرته على إحداث فارق في تاريخ الأزمة الليبية.
ويأتي ذلك في ظل مبادرات دولية ومحلية انتهت جميعها كما بدأت دون نتائج مباشر وواضحة على الأرض، إلا أن المحلية منها كانت أقرب للتحقيق مثل إعادة تشكيل المجلس الرئاسي ومبادرة توحيد الجهود الأمنية التي ما تزال في طور التطبيق.
وبالنظر إلى الوضع السياسي ككل، نجد أن الأطراف الرئيسية في الأزمة ما تزال تتشبث في مواقفها بعيدا عن مصلحة المواطن والوطن، فيما يعوّل الجميع على انتخابات تنهي المرحلة الانتقالية وهو ما يعني تغيير الوجوه الحالية.
وفي هذا الجانب يرى مراقبون أن أطراف الأزمة يعتقدون أن الانتخابات تعني خسارتهم للمناصب، وبالتالي وضع العصي في الدواليب يبقيهم في المناصب لأطول فترة ممكنة، وهذا مكسب من وجهة نظرهم إلا أنه مُدمّر للبلاد.
الاقتصاد
يرى بعض المواطنين أن العام المنصرم حمل لهم بعض الأمل، وإن لم تكن على مستوى الطموحات، فقد تراجعت أسعار بعض المواد والسلع، وسبقها تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء لحوالي نصف قيمته، ووصلت كميات من السيولة للمصارف، وهذا يسجل كنوع من أداء الواجب لا تحقيق الإنجازات.
من جانب آخر ظلت العديد من المناطق تعاني قلة السيولة وانعدام الوقود، وخاصة في الجنوب المنسي الذي ما يزال يعاني حتى يومنا هذا، وما زاد الطين بلة انتشار عصابات الحرابة والخطف وغياب الأمن.
يقول متابعون إن الممكن تحقيقه في الجانب الاقتصادي أتى، وما بعد ذلك هو المستحيل، ففي ظل الانقسام وغياب الرؤية الاقتصادية الصحيحة لمعالجة الخلل تبقى الحلول تراوح مكانها أو أن تأثيرها يظل محدودا ولا يصل إلى حد النهضة.
الخدمات
تنعكس الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد بالدرجة الأولى على الخدمات العامة للمواطنين، وربما وصلت ليبيا في هذا الجانب لمرحلة خطيرة، حيث يعاني قطاع الصحة تحديدا من شبه انهيار وأصبح عاجزا عن التعامل مع تفشي الأمراض وإجراء بعض العمليات واللجوء للعلاج في الخارج كحل مؤقت إلا أنه مُرهق ماليا على الدولة والمواطن.
وتتشارك جميع المدن الليبية في تردي البنى التحتية، فبمجرد هطول الأمطار تغرق الشوارع بالمياه وتُشل حركة السير والمشاة، وتغلق المدارس، فيما تعاني مدن أخرى من فيضانات الصرف الصحي وسط عجر البلديات بسبب قلة الإمكانيات.
التغيير ليس مستحيلا
ويؤكد مهتمون بالشأن المحلي أن انتشال ليبيا من هذا الواقع أمر ممكن وليس مستحيلا، على أن تكون البداية سياسية بتغيير الوجوه الحالية لأنها سبب جل الأزمات، وتوحيد مؤسسات الدولة، وإجراء انتخابات نزيهة بإشراف الأمم المتحدة، ثم كف يد الفاسدين عن السطو على المال العام، واستقطاب الخبرات الليبية من الخارج لدفع عجلة البناء والعمل.
ولا يجب تغييب أهمية المصالحة الوطنية وجبر الضرر وإعادة النازحين والمهجرين، وتقوية القضاء والأجهزة الأمنية والشرطية، ودعم البلديات، وضبط الحدود، والبدء بمشاريع للكهرباء ومختلف البنى التحتية.