أعترف أنني قد خُدعت
عمر أبو القاسم الككلي
لا توجد في حياتي خدع نصب واحتيال (على الأقل بشكل واضح ومؤثر). إلا أنني وقعت في صغري ضحية لخدعة مدروسة ومنفذة بإحكام واستغلت نقاط ضعفي، كان طرفاها أمي وعمي (وربما تورط فيها أشخاص آخرون)!.
كنت في حوالي السادسة من العمر حين جرى حفل زفاف أخي الأكبر. كنت فرحا مثل الفرحين، خاصة وأنه أول عرس أشهده، كانت فيه زغاريد وأغان وإطلاق بارود. فجأة جاءني بعض الأطفال من أقاربنا محذرين:
– اهرب!. يبو “ايطَهْروك”.
لم أكن أعرف ما هي “الطْهارة”!.
وحين شرحوا لي الأمر، أدركت خطورته الحقيقية وأنه حدث جلل يستدعي الهروب فعلا.
لكن، لات ساعة مناص.
ألقي القبض عليَّ وحملت قسرا، مثل أي حمل أو جدي عديم الحول.
طُرحت على ظهري على الأرض. جلس شخص (لم أعد أذكره الآن) عند قدميَّ وفتح رجليَّ. وجلس عمي عند رأسي قابضا على يديَّ بإحكام. وكان ثمة شخص غريب يخرج أشياء من حقيبة كتلك التي يحملها الأطباء في أفلام رعاة البقر. كان عمي يطمئنني:
– ما تخافش!.
شرع الرجل الغريب في مهمته. دخلت أمي حاملة طنجرة مليئة ببيض مطبوخ. لم يكن البيض غريبا عليَّ ومحل شهوة، مثل الفاكهة واللحم المشوي أو المطبوخ أو الحلوى، إذ كان لدينا دجاج وكان يدخل في طعامنا على فترات معقولة. لكن لست أدري لماذا كان ذلك البيض مغريا لي. ربما لكونها أول كمية من البيض بهذا القدر تعدد خصيصا لي وحدي. وضعت أمي بيضة في كفي القريب منها، وبمجرد أن حاولت ثني أصابعي عليها نفض عمي يدي بحيث سقطت البيضة. نظرت مستغربا فقال لي:
– خليها خليها. آهو خوذ وحدة ثانية.
وضعت أمي بيضة أخرى في كفي، ففعل معها مثلما فعل مع الأولى.
– خليها، خليها. آهو خوذ وحدة ثانية.
خامرني شك أن الأمر مقصود. لكن الإغراء طغى على شكوكي.
كان الرجل الغريب يشتغل بين فخذيَّ، وكان البيض يتساقط من يدي.
أنهى الرجل الغريب مهمته دون أن أحس بألم. فتركت أمي طنجرة البيض بكاملها إلى جانبي، مع البيض المتناثر، وخرجت.