أطراف الصراع الليبي تحول النفط لورقة ضغط سياسية
استخدام النفط الليبي ورقة في الصراع السياسي العنيف على مدار العقد الماضي -وبشكله السلمي مؤخراً – أزمة لا تكاد تنفرج إلا لتعود، بدءاً من اندلاع ثورة فبراير في 2011، ولاحقاً مع ما عُرف بعد ذلك بسنوات بمعركة الشروق، لينتهي الأمر باستخدام وسيلة إقفال القطاع من حقول وموانئ في مرات بالكاد تُعد وتحصى.
في منتصف شهر أبريل الماضي كانت آخر الإغلاقات التي ربما لن تكون الأخيرة في ظل الفوضى السياسية والانقسامات التي تشهدها الكيانات السياسية في البلاد من تشريعية وتنفيذية، وما أصبحت تُسمى بقوى أمر الواقع، حيث أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، حينها إغلاق ميناء الزويتينة جنوب البلاد وإيقاف إنتاج حقول النفط والغاز بداخله، وذلك بعد يوم من تعليق الإنتاج في حقل الفيل، وسط حالة جمود سياسي هددت ولاتزال بجر البلاد إلى صراع مسلح من جديد يعود بها إلى المربع الأول.
جميع الإغلاقات السابقة أخذت دواعي مختلفة وذرائع متعددة أغلبها على خلفيات الصراع السياسي، مع أسباب أخرى منها المطالبة بالتوزيع العادل للثروة والحد من اللامركزية.
ويُمثل إعلان “القوة القاهرة” في كل مرة تعليقاً مؤقتاً للعمل، استناداً لحماية يوفرها القانون للمؤسسة من مواجهة المسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبية العقود النفطية الأجنبية، بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.
ولطالما طالبت المؤسسة الوطنية للنفط عند كل إقفال بتغليب لغة العقل، والنأي بقطاع النفط عن الصراعات، وتبعات الإغلاقات العشوائية طوال السنوات الماضية، ولكن دون جدوى ودون رادع حكومي أو إقليمي ولا حتى دولي رغم التحذيرات والتلويح بالعقوبات.
تكرار عمليات الإغلاق للحقول والموانئ النفطية على مدار الحقبة الماضية والوقت الراهن، بسبب احتجاجات عمالية أو لتهديدات أمنية أو حتى خلافات سياسية، تسبب بخسائر تجاوزت 100 مليار دولار- وفقاً لما أكده مصرف ليبيا المركزي في وقت سابق.
تجدد الإغلاقات هذه المرة يأخذ صورة صراع بين حكومتين تتنازعان الشرعية، الحكومة الليبية الجديدة التي كلفها البرلمان برئاسة فتحي باشاغا وحكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة التي ترفض تسليم السلطات لخلفها، ورغم إعلان تكتل جهوي عن فتح القطاع إلا أن مصدراً ملاحياً يعمل في منطقة الهلال النفطي قال لــ “218” إن عملية التصدير مازالت متوقفة حتى الساعة الحادية عشرة من صباح الأربعاء، رغم إعلان رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا مساء الثلاثاء عن توصله إلى اتفاق مع مغلقي الموانئ ومباشرة التصدير.
أما الإنتاج في أكبر الحقول النفطية مازال متوقفًا في انتظار التعليمات الإدارية التي لم تصدر بعد – وفقاً لما كشف عنه مهندس من حقل الشرارة لـ218، أما وزارة النفط والغاز فقد تابعت ملف إقفال بعض الحقول والموانئ النفطية، من خلال لجنة شكلتها بهذا الخصوص، فتواصلت مع الحكماء والأعيان في جنوب وغرب وشرق البلاد، سعياً للوقوف على حقيقية دوافع عملية الإقفال، مشيرةً إلى أنه وبالرغم من وجود أسباب ومطالبات لأهالي المناطق المجاورة للمواقع النفطية، إلا أنهم لم يقوموا بالمشاركة في عملية الإقفال الأخيرة ولا بالموافقة عليها.
الوزارة أفادت أنه ومن خلال تحقيقات اللجنة، تبيّن أنه لا علاقة لأي مكون أو تكتل مدني بعملية الإقفال، وأن من قام بقفل الحقول والموانئ النفطية هم من أعطوا الإذن بالفتح، داعيةً كافة الجهات بتحييد قطاع النفط والغاز عن التجاذبات السياسية، ووضع مصلحة دولة ليبيا فوق كل اعتبار.
بيانات وبيانات مضادة وكل طرف يرمي كل مرة بكرة الاتهام إلى الآخر، وحتى المطالبات الدولية لم تُجد نفعاً فيما تصل أحياناً إلى التهديدات بالعقوبات لاسيما مع ما يشهده العالم من أزمة دولية متمثلة في الحرب الروسية على أوكرانيا، وحاجة أوروبا لبدائل للنفط والغاز الروسي لدول الاتحاد الذي يضع شمال أفريقيا والشرق الأوسط ملاذاً لحل الأزمة الحادة في الطاقة.