أصول الواقعية السحرية لدى غبرييل غارثيا ماركيث*
آشلي فترس
ترجمة: عمر أبو القاسم الككلي
عادة ما توصف أعمال الروائي وكاتب القصة الكولمبي غبرييل غارثيا ماركيث على أنها أمثلة نموذجية للواقعية السحرية: وهي التخييل fiction الذي يدخل عناصر الخيال fantasy في محيط واقعي. ففي روايته “مئة عام من العزلة” الصادرة سنة 1967، التي تتبع، عبر قرن، حيوات أفراد أسرة في قرية فاتنة من قرى أمريكا اللاتينية تسمى ماكندو، حيث تطير الأبسطة السحرية وتظهر الأشباح للقرويين وتصعد قطرات الدم الناشئ عن القتل السلالم وتفتش الزوايا لتجد أم الضحية في مطبخها.
عندما خاطب غارثيا ماركيث وليم كندي في مقابلة مطولة نشرت في عدد يناير 1973 بمجلة الأطلنطي The Atlantic شرح لماذا هو وكتاب آخرون من أمريكا اللاتينية اختاروا إدخال تفاصيل خيالية fantastical في نسيج قصصهم:
أثناء عاصفة ليف، يجلس الطبيب العجوز إلى غداء برجوازي باذخ، ويربك الجميع بقوله للخادمة: “اسمعي يا آنسة، اغلي قليلا من العشب وأحضريه إليَّ كما لو أنه حساء”. سألته الخادمة “أي نوع من العشب يا دكتور؟”. “العشب العادي، يا آنسة. ذلك النوع الذي تأكله الحمير”.
هل هذه سوريالية؟. ليس بالنسبة إلى غارثيا. “رجل قال ذلك في بيتي”.
إنه يؤمن أن فوكنر يختلف عنه في هذا الشأن من حيث أن غرائبية outlandishness فوكنر تتنكر في مظهر واقعي.
“كان فوكنر متفاجئا من أشياء معينة تحدث في الحياة”. قال غارثيا. “إلا أنه يكتب عنها ليس كمفاجآت، وإنما كأشياء تحدث يوميا”.
غارثيا أقل تفاجؤا. يقول: “في مكسيكو تسير السوريالية في الشوارع. تأتي السوريالية من واقع أمريكا اللاتينية”.
قبل أسبوعين من إدلائه بهذا الحديث، اتصل به صحفي ليسأله حول ردة فعله إزاء حدث جرى في بلدة كولمبية زراعية. حوالي العاشرة صباحا وفي مدرسة صغيرة أوقف رجلان شاحنتهما قائلين “جئنا من أجل الأثاث”. لا أحد يعرف عنهما شيئا. إلا أن مدير المدرسة هز رأسه. وهكذا وضع الأثاث في الشاحنة التي سارت مبتعدة. وبعد ذلك بوقت متأخر اكتشف أن رجلي الشاحنة كانا لصين.
“عادي”. قال غارثيا. وأضاف “ذات يوم في برشلونة، كنا أنا وزوجتي نائمين، عندما رن جرس البيت. فتحت الباب فقال لي رجل: جئت لأفحص وصلة المكوى. قالت زوجتي من السرير: ليست لدينا مشكلة في وصلة المكوى. سأل الرجل: هل هذه الشقة رقم اثنين؟. لا. قلت له. فوق. ذهبت زوجتي إلى المكوى وأوصلته بالكهرباء، فاحترق. كان هذا وضعا مقلوبا. أتى الرجل قبل معرفتنا أنه ينبغي إصلاح المكوى. هذا النوع من الحالات يحدث في كل وقت. زوجتي نسيت ذلك”.
يحب غارثيا مبادئ السوريالية، ولكن ليس السورياليين أنفسهم. لو كان له أن يختار فهو يفضل الرسامين السورياليين على الشعراء. إلا أنه لا ينظر إلى نفسه على أنه مثل أحدهم. حقا أن عمله يرتكز على الحكاية أكثر من ارتكازه على الرمزية والجريان العشوائي random للأحداث، وهو الشيء المهم للسورياليين، وحقا أيضا أن هدفه أن يكون مفهوما، وليس مبهما. بيد أن النوعية السوريالية وتحويل غير المحتمل وغير الممكن إلى واقعي، يتخلل عمله.
* المقال مترجم عن الموقع الإلكتروني لمجلة The Atlantic عدد 17 أبريل 2014. والكاتبة Ashley Fetters محررة بالمجلة.