خرج السوريون في مثل هذا اليوم بهتافين محددين #حرية و#الموت_ولا_المذلة كان منتصف الأسبوع في أسواق الحميدية، نخبة دمشق تحمل اللافتات وترفع الهتافات، وينبهر المشاهدون من رؤية مقاطع فيديو يظهر فيها الطيب تيزيني مؤيداً لهذه الهبة الشعبية.
كانت المظاهرة لتمر مرور الكرام، باعتبارها حدثاً عابراً في العاصمة، إلى أن كان تحرك مدينة درعا في الجنوب السوري، والذي سقط خلاله العديد من القتلى ما أدى إلى اشتعال الثورة في أرجاء المدن السورية.
لم يكن منتصف مارس 2011 إلا يوم ثلاثاء عادي، خرج فيه من يبحثون حقيقة عن الحرية، ليحتدم الصراع بعد سنوات حول تسمية الثورة بين هؤلاء، وآخرين حولوها إلى مظاهرات أسبوعية تخرج من المساجد، ليستغلوا النعرات في مجتمع تقسمه الطوائف، ويصبح فريقا (15 آذار) و(18 آذار) انقساماً آخر بين الثائرين في البلاد المنقسمة
يقف القلم عاجزاً بعد سبع سنوات، والكثير من المياه التي جرت تحت الجسور، بل وأنهار الدماء التي أنست الناس فرات سوريا، ولا يستطيع وصف ما تطور من إرهاب على الأرض السورية، من القاعدة إلى داعش مروراً بفيالق الرحمن وجيوش الإسلام وجبهة النصرة وغيرها من مسميات لإرهاب مسلح لا يهمه حرية السوريين ولا مصلحتهم.
من الممكن أن تكون المعطيات معقدة، فمن إطلاق سراح محكومين بتهم تتعلق بالإرهاب، لينتقلوا من السجون إلى قيادة مجموعات مسلحة تحوي آلاف الأفراد، مثل “زهران علوش” الذي قتل فيما بعد بغارة روسية محكمة، مروراً بغض البصر عن إرهابيين كانوا يمرون عبر أرض الشام إلى العراق، حتى صور لهم وهمهم أنهم يستطيعون صنع دولة من أطلال الماضي.
لا ينتشر مرض إلا في جسم ضعيف، فانتشار السلاح الذي ساهم فيه النظام بشكل كبير بداية الثورة، كان سبباً رئيسياً في صنع ما يشبه السوق لتصبح سوريا وجهة للسلاح، ويستطيع الإرهابيون الحصول على ما أرادوا من الحديد والنار لقتل من ثاروا طلباً للحرية.
لا يمكن أن يجد الإرهاب أسباباً أفضل لخلق قاعدة شعبية العنف المفرط أمام الهاربين من الفقر وظلم الأجهزة الأمنية، وفي أفضل الأحوال خلقت نازحين فروا من جور القصف المتبادل بين حاكم مطلق وآخر واهم بصواب مطلق.
تطمع كل دولة في أن تستحوذ على أقصى ما تستطيع من المقدرات، وبالتالي كان الطمع في سوريا واقعاً، في ظل تفككها خلال سنوات الصراع المسلح، والذي يقدر كثيرون بدايته الرسمية من سبتمبر 2011، فكان تفكيك مصانع حلب التي تنتج الأدوية والنسيج والصابون وغيرها من الصناعات الأولية، وتسجيل أكثر من 5 آلاف شركة سورية في تركيا، لتصبح في المرتبة الثانية من حيث الشركات الأجنبية المسجلة في البلاد، وغير ذلك مما فكك الاقتصاد السوري، الذي يهم السوريين لا النظام ولا الإرهاب.
بقت المعارضة صورة يتحسر عليها من مازالت في قلبه فكرة الثورة، أو مكسباً يبحث عنه حتى وزراء سابقون دافعوا عن النظام لسنوات، فيما كان السوريون يموتون بين القصف والجوع، أو تلتهمهم أسماك المتوسط وهم يبحثون عن ملاذ آمن.