أسرار طباعة النقود.. عملية مُعقّدة لمنع التزوير
من المتعارف عليه أن الدولة تُحارب تضخّم الأموال بتحديد طباعتها بحيث لا تترك الباب مفتوحاً لعدد كبير من الأموال ونشرها في السوق، فهذا يعني أن المال سيفقد قيمته بسبب كثرته ويصبح في متناول الجميع، بالتالي فالجميع أغنياء، ولا حاجة لكي يجعل أحدهم نفسه عاملاً في الزراعة أو الصناعة أوغيرهما. لكن كيف تجعل الدولة وسلطاتها عملية طباعة الأموال عملية معقدة؟ للإجابة على هذا السؤال عليك أن تعرف في البداية كيف تُصنع النقود، بالنسبة للنقود الورقية فهي تصنع بمزيج من القطن والكتّان ضمن ظروف حرارية عالية ويتم ضغطها بعد ذلك لفترة لا تتجاوز ساعات قليلة. بعد ذلك يتم تنظيف القطن بالماء لإزالة الشوائب منه ويتحول لونه إلى أبيض كالثلج، ويتم بعدها عجن القطن وخلطه لينتج ورقاً جاهزاً للطباعة عليه ويتحول إلى “ورق مالي”. وبالطبع يكون الورق النقدي قد تم تحديد مقاسه وتصميمه وشكله ولونه، فتبدأ هنا عملية القص والطباعة والتلوين وفقاً لما تم تحديده مسبقاً من القائمين على الأمر. وبعد طباعة الكميات المحددة يتم إدخالها لمرحلة تُعرف بـ “التأمين”، وهي عملية معقدة جداً بهدف إدخال لمسات خاصة على هذه الأموال كي يتم تمييزها وتعقيد تقليدها وتزويرها. وتختلف عملية التأمين من دولة لأخرى، لكن الشائع بين العملات أنه يتم استخدام خيوط أمان فسفورية برموز وأرقام تدل على فئة العملة، وهي خيوط يصعب تزويرها. وهناك عملية تأمين تتم بالعلامات المائية وهي صورة مُخايِلة تظهر كالظل عند رفع الورقة النقدية وتعريضها للضوء وتكون بالصورة الأساسية ذاتها الموجودة على الورقة. لكن هذه العملية تتم لعامة المواطنين والمستخدمين، فهناك عمليتا تأمين أخريتان، الأولى للمستوى المصرفي وتتم بأرقام دقيقة الحجم ولا تظهر إلا بعدسات مكبرة، والثانية على مستوى المعامل، وتتم عبر تحديد نوع الورق المستخدم في الطباعة، وهذا السر الذي يجعل الورقة النقدية المزورة قابلة للمرور بين الناس قليلي الخبرة. وبالنسبة لمكان طباعة الأموال فهي بالنسبة للدول الكبرى تتم داخل حدودها مثل روسيا والولايات المتحدة والصين وإنجلترا وغيرها. أما بالنسبة للدول الأخرى فيتم ذلك خارج حدودها عبر شركات خاصة نظراً لعدم توفر الإمكانات اللازمة من النواحي اللوجستية والتقنية لإتقان الأمر. ماذا عن الدينار الليبي؟ كانت ليبيا في عهد نظام القذافي تُوكِلُ مهمة طباعة الدينار الليبي إلى شركة De la rue البريطانية، واستمر هذا الحال بعد الثورة وسقوط نظام القذافي. وقامت الشركة في سبتمبر 2011 بطباعة 280 مليون دينار ليبي، إلا أنه في يونيو 2016 اتخذ مصرف ليبيا المركزي التابع لمجلس النواب الليبي في مدينة البيضاء شرقي ليبيا قرارًا مثيراً للجدل بطباعة 4 مليارات دينار ليبي لدى شركة روسية. وأثارت هذه الخطوة جدلا في ليبيا، وبرّر المصرف الليبي قراره بسعيه لحل أزمة السيولة النقدية في المصارف التجارية وتسديد مرتبات موظفي الدولة. |