أسباب عدم التدخل الأميركي في ليبيا
نشرت منظمة المجلس الأطلسي الأمريكية في واشنطن المعنية بالشؤون السياسية، عبر موقعها الإلكتروني مقالا يبيّن أسباب عدم التدخل الأميركي في الملف الليبي بشكل قوي وفاعل، وقد بيّن المقال دعوة بعض الخبراء الأوروبيين والفصائل الليبية في الفترة التي سبقت انعقاد المؤتمر المعني بليبيا في باليرمو، الولايات المتحدة لمشاركة أكبر لإجبار قبول حل للأزمة الليبية، وساقت هذه الأصوات عموما حجتين رئيسيتين: الأولى هو أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على المساعدة في حل الفوضى الليبية من خلال إجبار الدول الأوروبية والعربية على التوقف عن التدخل، ودعم خطة الأمم المتحدة الخاصة بليبيا، والثانية حول سبب ضرورة تدخل الولايات المتحدة، في حين أن الأسباب الحقيقة التي قد تدفع الولايات المتحدة للتدخل هي في المقام الأول النفط، الاستقرار الإقليمي، والالتزام الأخلاقي للولايات المتحدة، في ضوء قرار إدارة أوباما-كلينتون بالتدخل في انهيار نظام القذافي في عام 2011، والتي لم تضع بعدها الولايات المتحدة أي استراتيجية طويلة المدى، مما أدى إلى الفوضى التي نراها اليوم.
وبيّن المقال أن كلتا النظريتين معيبتين ومُصممتين لجذب الولايات المتحدة إلى صراع آخر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل الكثير من الصراعات الرئيسية في العراق والصومال وأفغانستان، ولكن سيكون من الصعب جدًا على الولايات المتحدة أن تُخلّص نفسها من الحرب الأهلية الليبية، لأنه من المحتمل أن تجذب مشاركة الولايات المتحدة الراديكاليين من جميع أنحاء إفريقيا والعالم العربي إلى حرب مُقدسة ضد الولايات المتحدة، إضافة إلى ذلك، فإن الافتراض القائل إن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تجلب جميع الأطراف بالاتفاق ليست حجة منطقية، فهذا المنطق لا يفكر أيضًا في حقيقة أنه في الماضي عندما أرسلت الولايات المتحدة قواتها، أنفقت رأس مال سياسي كبير وخصصت مليارات الدولارات لأماكن مثل أفغانستان والعراق والصومال، وفشلت في تحقيق ما هو أبعد من التطرف المتزايد في المنطقة.
ويضيف المقال أن الحجة القائلة إن ليبيا تمثل قلقًا جيوسياسيًا مهمًا للولايات المتحدة بسبب موقعها ونفطها – وكطريق لمئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا – يفتقر إلى الأدلة، فلا شك أن موقع ليبيا ليس فريدًا من نوعه، حيث تتشارك جميع دول شمال إفريقيا الأخرى في هذه الجغرافيا، كما أن النفط الليبي، الذي مازال يكافح من أجل العودة إلى مستويات ما قبل 2011 ، يمثل جزءاً صغيراً جداً من العرض العالمي، ولا تستورد الولايات المتحدة الكثير منه على أي حال، وبهذا فإن هذه القضايا ذات أهمية كبيرة لأوروبا لذا فهي مشكلة تحتاج إلى حل أوروبي وأفريقي، وليس مشكلة أمريكية.
ويختتم المقال بأن الوقوف وراء جهود الأمم المتحدة سيوفر لواشنطن التوازن المناسب بين الإبقاء على قدم في ليبيا والمسافة الكافية والحد الأدنى من المشاركة في حرب أهلية أخرى مع الكثير من الشخصيات البغيضة وغير الموثوق بها.