أزمة ليبيا: روسيا “تتقرّب”.. وأميركا “دارت الحولة”
218 |خاص
“مستوى التمثيل” الذي دفع به “قطبا العالم” إلى المؤتمر الخاص بالأزمة الليبية، والذي عُقِد في مدينة باليرمو الإيطالية يوم الثلاثاء الماضي، شكّل ما يمكن اعتباره “مروراً عابراً” لم يتوقف عنده كثيرون رأوا فيه تمثيلاً عادياً بلا “رسائل أو مؤشرات”، رغم أنه غني بالدلالات و “التشفيرات” التي تعودت روسيا أن ترسلها صامتة لطرف أو أكثر، داخل أو خارج ليبيا، ففي وقت تدير فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ظهرها بالكامل لأزمة ليبيا منذ مجيئها إلى البيت الأبيض، فإن روسيا ترسل إشارات إلى الملف الليبي بأنها “قريبة وتتقرّب”، لكنها تقوم بـــ”قراءة متأنية” للمشهد الليبي.
“المستويات البحثية العميقة” في أكثر من “عاصمة ثقيلة” حول العالم توقفت مطولاً أمام حدث نادر من طراز أن يرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “الرئيس الاحتياط” لروسيا ديمتري ميدفيديف الذي يشغل منصب رئاسة الحكومة في روسيا الاتحادية، وهو “رجل الظل الغامض” لبوتين، فيما تُقرّر الولايات المتحدة الأميركية أن ترسل “مستوى دبلوماسياً ثالثاً” إلى مؤتمر باليرمو تمثّل بديفيد ساترفيلد أحد مساعدي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، فيما يقول كثيرون إن واشنطن أرسلت “رجلاً دبلوماسياً خبيراً” بأزمات الشرق الأوسط، فيما أرسلت موسكو “مستوى سياسيا تقليدياً”، قرر بوتين في إجراء غير مفهوم حتى للخبراء الروس “تمرير الملف الليبي” له لقراءته وتقليب أوراقه في الرحلة التي انطلقت به من موسكو حتى باليرمو الإيطالية.
في التحليل السياسي تقول أوساط أميركية إن ما تنتظره روسيا هو إعلان أميركي عن “تدخل مباشر” في ليبيا، لتُقرّر هي الانتقال إلى الساحة الليبية في محاولة لـــ”استعراض عضلاتها” ضد الولايات المتحدة التي “تدير الحولة” حتى الآن عن “التكتيك الروسي” الذي جربته في سوريا بمجرد ما أظهرت واشنطن وجودها العسكري على الأرض السورية، حيث ساعدت روسيا على هزيمة واشنطن في سوريا، بل تثبيت نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إذ تخشى مستويات سياسية وعسكرية أميركية من أن روسيا قد تكرر نفس “السيناريو المهين” لأميركا على الأرض الليبية.
بعد معركة سوريا تبدو روسيا “قوة مُجرّبة” للولايات المتحدة وأوروبا على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، مع “شبه إقرار دولي” أن هذا البحر قد فُوّض لوجود عسكري روسي كبير قد تحاول موسكو في المرحلة المقبلة “إِكْمال طوقه” عبر هيمنة على السواحل الليبية، إذ تمتلك ليبيا ساحلا مؤثرا على هذا البحر بأكثر من 1700 كيلومتراً، وهو ما يعني أن روسيا قد باتت قريبة جدا من التدخل في ليبيا، لكن توقيت هذا التدخل قد يكون رهناً بــ”توقيت القيصر” الذي فاجأ العالم تماما بـــ”ساعة الصفر” التي حددها لتدخله في سوريا في سبتمبر 2015.