أردوغان يُخوّف أطفال تركيا بـ”الموت”
218TV| خاص
مقطع فيديو لا يتجاوز الدقيقة ونصف الدقيقة كان كفيلا بأن “يُعرّي” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تماما أمام “معجبيه” داخل ليبيا وخارجها، فالمقطع الذي انتشر بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي أعاد أردوغان إلى “حقيقته المخفية” كـ”تاجر حرب”، وعرّضه ل”هجوم شرس”، فيما مال “معجبيه” إلى “الصمت التام”، وتجاهل المقطع، فما يقوله أردوغان في الفيديو هو من النوع الذي لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه، إذ أن وسائل إعلام تركية معروفة ب”اعتدالها” سألت أردوغان ما إذا كانت “ثقافة الموت” هو ما ينبغي تنشئة أطفال تركيا عليه.
بدا المقطع صادماً لكل من شاهده، وقرأ “الزاوية المرعبة” فيه، فالرجل الذي يمتدح أنصاره ومعجبيه –وجزء منهم في ليبيا- تجربته الديمقراطية والمدنية، هو في واقع الأمر يؤسس ل”صناعة الموت”، ويُمهّد الطريق أمام “أطفال الحروب” أسوة بما فعله ويفعله داعش أسوأ تنظيم إرهابي على وجه المعمورة، فلا يُشْترط أن تُكْمِل مقطع الفيديو لتعرف ما يضمره هذا الرجل فارتجاف الطفلة ودموعها، وخوفها الشديد من عبارات “الموت والجثث” كفيل بأن يعيد أردوغان إلى دوره الحقيقي ك”مقاول سياسي”.
إدانة داعش سابقا لاستغلاله الأطفال في حروبه بما عُرِف ب”أشبال الخلافة”، تستوجب اليوم توجيه نفس الإدانة إلى أردوغان الذي يحاول ترسيخ “ثقافة الموت” لدى طفلة لم يرحم سنواتها الست، وهو يُحدّثها عن جثتها التي ستُلف بالعلم التركي حين تُقْتل وهي تدافع عن تركيا، فيما انهارت الطفلة أكثر حينما سمعت كلمات الموت والجثث، فجسدها النحيل، وسنواتها التي ربما لا تتجاوز الست لا تدرك معنى الموت والجثث حتى الآن.
تعود أردوغان في السنوات الأخيرة أن يرسم “شعبية زائفة” وهو يستغل “براءة الأطفال” في مهرجاناته، إذ كان يُقرّبهم ويتحدث إليهم، لكنه في مقطع الفيديو بدا كمن يهدم أي شعبية بنتها مقاطع فيديو سابقة، فيما كان لافتا أن الإعلام التركي المقرب من أردوغان لم يُركّز على المقطع الصادم، كما لو أنه يحاول “الترقيع”، وهي مهمة بدت مستحيلة في عصر “الإعلام السريع”.
قيل ” ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه”، وما قاله أردوغان ليس سوى ما يضمره فعلا، فكان عليه أن يُهدّئ من روع الطفلة، ودفعها إلى التمسك بالحياة، والتأكيد لها على ضرورة أن تتعلم في المدرسة لتتقوى تركيا علمياً وحضارياً، بدلا من أن يسعى إلى ترسيخ “ثقافة الموت” لدى أطفال لايرون من الدنيا في هذا السن سوى مقاعدهم المدرسية وألعابهم.
الطفلة المصدومة تركت أمراً إيجابياً في مقطع الفيديو يمكن أن قراءته من “زاوية خاصة” فلم تسع أبدا إلى تقبيل واحتضان أردوغان، كما لو أن لسان حالها يقول “نعرف على حقيقتك.. ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك”، أو بالليبي “الصبر باهي والفرج بيد الله”.