أحجار أغنى من الذهب.. آثار ليبيا مرآة ماضيها العريق
تعد ليبيا من المناطق التي استوطنها الإنسان منذ العصور القديمة، وساهم موقعها المتميز في هذا الأمر، حيث كانت نقطة الوصل بين شرق القارة الأفريقية وغربها، واحتوت على عدد كبير من الأراضي الخصبة مع توافر المياه مما ساهم في قيام العديد من الحضارات.
وكانت ليبيا مطمعا للغزاة بسبب موقعها المتميز في شمال القارة السمراء، حيث احتلها اليونانيون والرومان في العصور القديمة، وتركت هذه الحضارات العديد من الأماكن الأثرية في كافة أنحاء البلاد وخاصة في الشريط الساحلي.
نستعرض لكم في هذا التقرير أبرز المواقع الأثرية في ليبيا:
1- مدينة لبدة الكبرى الأثرية: تعد هذه المدينة من أهم الأماكن الأثرية في ليبيا، تقع هذه المدينة على بعد 120 كلم شرق العاصمة الليبية طرابلس، على الساحل المتوسطي عند مصب وادي لبدة.
واستوطن الإنسان القديم هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث كان المدينة مرفأ مهما لجأ إليه التجار الفينيقيون في عهد سيطرتهم على البحر الأبيض المتوسط، وفي القرن السادس قبل الميلاد كانت لبدة مركزا للصراع بين اليونانيين وأهل قرطاج مما تسبب في دمارها قبل أن يقوم أهل قرطاج بإعادة بنائها مجددا.
وشهدت مدينة لبدة في عهد الإمبراطور الروماني سيبتيموس سيفيروس ازدهارا كبيرا. وتحتوي على مجموعة من الأماكن الأثرية أبرزها معبد ليرباثر، حلبة المصارعة، معبد روما أغسطس، وقوس النص.
2- مدينة سوسة الأثرية: من أجمل المدن الأثرية الليبية، تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شرق مدينة البيضاء بـ30 كلم.
وكانت هذه المدينة واحدة من المدن الخمسة الأولى في العصر البلطمي، وفي القرن الأول قبل الميلاد احتلها الرومان وأطلقوا عليها اسم أبولونيا، وأصبح ميناؤها من أهم الموانئ في تلك الحقبة.
وفي القرن الخامس الميلادي تم تحويل اسم المدينة سوزوسا وأصبحت عاصمة للإقليم وظل هذا الاسم يطلق عليها حتى الفتح الإسلامي، حيث أعيد إليها اسم أبولوينا ومن ثم تغيير اسمها إلى سوسة المحروسة.
وتحتوي هذه المدينة على مجموعة كبيرة من الأماكن الأثرية أبرزها الحمامات الرومانية، قصر الدوق، المسرح الإغريقي، والحمامات البيزنطية.
3- مدينة صبراتة الأثرية: مدينة أثرية تقع على شاطئ المتوسط غرب العاصمة طرابلس بـ70 كلم، تأسست هذه المدينة على يد الفينيقيين أثناء سيطرتهم على ساحل شمال أفريقيا في القرن السادس قبل الميلاد، وأطلق عليها اليونانيون اسم لبروتون بولس كاي ليمن، وفي عصر قرطاج أطلق عليها صبراته.
وتضم المدينة عددا كبيرا من المناطق الأثرية أبرزها المعابد البونيقية، ساحة سوق الفورم، المجلس البلدي (الكوريا) الإيوان القضائي البازيليكيا، الضريح البونيقي، كنيسة جستنيان، بالإضافة إلى مسرح صبراتة.
4- مدينة شحات الأثرية: تقع في الجبل الأخضر في أقصى شمال شرق ليبيا على بعد 10 كلم من مدينة البيضاء.
تأسست هذه المدينة على يد اليونان عام 631 قبل الميلاد وأطلق عليها اسم فورينا أو سيرين، وكان باتوس أول حاكم لها، وشهدت المدينة في القرن الرابع قبل الميلاد ازدهارا وتطورا كبيرا.
وتضم المدينة مجموعة من الأماكن الأثرية التي تروي تاريخ الحضارات التي سكنتها من أبرزها مجلس الشورى، الأغوار، معبد أبولو، قلعة الأكروبوليس، معبد زيوس، الحمامات اليونانية، بالإضافة إلى رواق هرقل.
5- مدينة جرمة الأثرية: أسسها الجرمنتيون في القرن الأول للميلاد في جنوب غرب ليبيا لتكون عاصمة لدولتهم، وكان موقعها دالا على قدرة الجرمنتيين على العيش في الصحراء، وكانت المدينة المركز الذي ينطلق منه الجرمنتيون لحرب الروم، ولم تعرف المدينة الازدهار إلا في القرنين الثاني والثالث الميلاديين بسبب إقامة معاهد سلام مع الرومان.
وظلت المدينة محطة للقوافل التجارية، وفي القرن السابع الميلادي فتح القائد عقبة بن نافع هذه المدينة.
وتحتوي هذه المدينة على عدد كبير من الآثار منها المدافن المشيدة على شكل قبب وأهرامات، والمقابر الملكية.
6- مدينة غدامس القديمة: تعد من أقدم المدن الموجودة في العالم، إذ وجوت فيها بعض النقوش التي تدل على وجود الحياة فيها منذ حوالي 10000 سنة.
تقع غدامس جنوب غرب ليبيا بالقرب من مثلث حدود ليبيا مع تونس والجزائر، وتبعد 543 كلم عن العاصمة طرابلس.
احتل القرطاجيون هذه المدينة عام 795 قبل الميلاد، ومن ثم احتلها الرومان عام 19 قبل الميلاد، وفي القرن السابع الميلادي فتحها المسلمون.
وتحتوي الواحة على عدد من الكهوف التي استخدمت كسجون في عصر الملكة الكاهنة، كما تتميز بهندستها المنزلية، فالمنازل تحتوي على طبقة لتخزين المؤن، وشرفات مخصصة للنساء، وتعد هذه المدنية أحد مواقع اليونسكو للتراث العالمي.
7- مدينة توكرة: يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ حيث سكنتها قبيلة البكاليس الليبية، وفي أواخر القرن السابع قبل الميلاد سيطر اليونانيون عليها وأطلقوا عليها اسم تاوخيرا، وفي العصر الهلنستي عرفت باسم أرسنوي، ومن ثم سيطر عليها البطالمة في الفترة ما بين عام 322 قبل الميلاد وعام 96 قبل الميلاد، ومن ثم تبعت للإمبراطورية الرومانية، وفي العام 645 ميلادي فتحها المسلمون.
تحتوي المدينة على عدد كبير من الآثار القديمة أشهرها سور المدينة الذي يضم 31 برجا، و3 بوابات رئيسية، كما تحتوي المدينة على عدد من الكنائس والحمامات التي تعود للعهد البيزنطي.