“أبلة فتحية”.. مشوار من تطوير التعليم
تصغي القاهرة لبكاء طفلة في عام 1926، ولا تدري أي دور سيكون لها في تطوير تعليم ليبيا، وأي ذكرى سيحملها الطلاب ليحكوا عنها على مدى الأعوام.
كبرت الطفلة فتحية عاشور في القاهرة، لتنال ليسانس آداب قسم اللغة الإنجليزية من جامعة الملك فاروق عام 1948، وتعود إلى وطنها لتستقر في مدينة درنة، وتبدأ عملها في إدارة مدرسة درنة للبنات في العام الدراسي 1948 – 1949م.
تغير اسم المدرسة إلى اسم الزهراء، ومرت عشرون عاماً بقيت خلالها فتحية عاشور مديرة للمدرسة، كان ضمنها 4 سنوات ظلت فيها مديرة اسمية لها، في فترة توليها لإدارة المنطقة التعليمية لمحافظة درنة.
استمرت سيرة المديرة نظيفة اليد خلال العقدين التي استمرت خلالهما في مجال التدريس في مدينة درنة، شهد القاصي والداني على تجاربها في تطوير التعليم، حتى وصل أثر التغيير الذي خلقته إلى لباس الفتيات، ليصبح زياً رسمياً، وتوقف نقش الحناء وزينة الأنف والحلق، حسبما حكى المؤرخ نقولا زيادة عن سيرتها.
لم يقتصر تأثيرها على الفتيات فقط، بل ظلت ذكراها قائمة لدى أطفال الضواحي، الذين تذكرتهم في برد قارس لتزورهم وتطلع على أحوالهم، وتأمر بإشعال التدفئة التي كانت عبارة عن “كانون” في منتصف شتاءات الجبل الأخضر.
تغيرت السياسة، وصار الضباط يحكمون وزارات الدولة، ليحيلوا “أبلة فتحية” إلى الخدمة المدنية، ثم تنقل إلى وزارة التربية في ديسمبر 1971 بقرار من رئاسة مجلس الوزراء، ليعاد تكليفها في منتصف يوليو 1972 بتعليم الراشدات في منطقة درنة.
لم يدع لها تيار النظام قدرة على الاحتمال، فزادت المضايقات ولم يهتم أحد بالمديرة الكهلة آنذاك والتي قارب عمرها الخمسين، لتهاجر إلى الولايات المتحدة في 1973 وتبقى هناك حتى توفيت عام 2008 في ولاية فرجينيا.